الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب نَسْخِ الضَّيْفِ يَأْكُلُ مِنْ مالِ غَيْرِهِ
3753 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزيُّ، حَدَّثَني عَليُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ واقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْويِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} فَكانَ الرَّجُلُ يُحْرَجُ أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النّاسِ بَعْدَ ما نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ فَنَسَخَ ذَلِكَ الآيَةُ التي في النُّورِ قالَ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {أَشْتَاتًا} كانَ الرَّجُلُ الغَنيُّ يَدْعُو الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى الطَّعامٍ قالَ: إِنّي لأجْنَحُ أَنْ آكُلَ مِنْهُ. والتَّجَنُّحُ: الحَرَجُ، وَيَقُولُ: المِسْكِينُ أَحَقُّ بِهِ مِنَّي. فَأُحِلَّ في ذَلِكَ أَنْ يَأْكْلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأُحِلَّ طَعامُ أَهْلِ الكِتابِ (1).
* * *
باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره
[3753]
(حدثنا أحمد بن محمد) بن موسى مردويه (2)(المروزي) بفتح الميم والواو شيخ البخاري (3)(قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد) المروزي، ضعفه أبو حاتم (4)، وقواه غيره (5).
(1) رواه البيهقي في "الكبرى" 7/ 274، والضياء في "المختارة" 12/ 325 كلاهما من طريق أبي داود. وقال الألباني: حسن الإسناد.
(2)
كذا في الأصول: بن موسى مردويه. وهو خطأ، والصواب: بن ثابت بن شبويه. انظر: "تهذيب الكمال" 1/ 433، 473.
(3)
كذا في الأصول: شيخ البخاري. وهو خطأ مبني على الخطأ في الترجمة.
(4)
"الجرح والتعديل" 6/ 179 (978).
(5)
ذكره ابن حبان في "الثقات" 8/ 460. وقال النسائي: ليس به بأس. "تهذيب الكمال" 20/ 407.
(عن أبيه) الحسين بن واقد (1) المروزي قاضي مرو، مولى عبد اللَّه بن عامر.
قال ابن معين وغيره: ثقة (2).
(عن يزيد) بن أبي سعيد (النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال) قال اللَّه تعالى: ({وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}) بغير حق، ومنه بيع العربون، وهو أن يأخذ منك السلعة أو يكتري منك الدابة ويعطيك درهما فما فوقه، على أنه إن اشتراها أو ركب الدابة فهو من ثمن السلعة أو كراء الدابة، وإن ترك ابتياع السلعة أو كراء الدابة فما أعطاك فهو لك ({إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً}) بالبيع والشراء ونحو ذلك، والتجارة هي المعاوضة، ومنه الأجر الذي يعطيه اللَّه للعبد عوضًا عن الأعمال الصالحة ({عَنْ تَرَاضٍ}) أي: رضا، إلا أنها جاءت من المفاعلة؛ لأن التجارة لا تكون إلا من اثنين والرضا منهما، فخرج من مفهوم هذا الحصر دعاء الرجل أخاه إلى بيته ليأكل من طعامه؛ فإنه مع كونه ليس بتجارة ولا هو من أكل المال بالباطل، فهو لا بأس به.
(فكان الرجل) بعدما نزلت هذِه الآية (يحرج) بضم الياء وفتح الحاء المهملة وتشديد الراء المكسورة بعدها جيم، أي: يضيق على نفسه من (أن يأكل عند أحد من الناس) ويرى ذلك إثما وحرامًا ويترك الأكل عند (3)
(1) قبلها في الأصول: علي بن. ولم أجده في مصادر ترجمته، وانظر:"تهذيب الكمال" 6/ 491.
(2)
"تاريخ عثمان بن سعيد عن يحيى بن معين"(290).
(3)
بعدها في (ل): بياض بمقدار كلمة، وقد تكون:(كل) مناسبة للسياق.
أحد خروجًا من الحرج وهو الإثم والضيق (بعدما نزلت هذِه الآية) الناهية عن أكل المال بالباطل إلا عند حصول التجارة.
(فنسخ) بفتح النون والسين (ذلك) أي: هذا الحكم هذِه (الآية التي في) سورة (النور) وهي التي (قال) اللَّه تعالى فيها ({لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}) أي: إثم ({أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ}) أي: من البيوت التي فيها أزواجكم وعيالكم (إلى قوله) تعالى: ({لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا})، أي: مجتمعين أو متفرقين، والأشتات جمع شتيت (1)، يقال: شيء شتيت، أي: متفرق.
و(كان الرجل الغني يدعو الرجل من أهله) وأقاربه (إلى) أن يأكل من (الطعام) فإذا دعاه (قال: إني لأجنح) بفتح اللام والهمزة وسكون الجيم، أي: لأرى جناحًا وإثمًا (أن آكل منه) شيئًا.
(والتجنح (2): الحرج) والإثم، والأصل في اللغة هو الميل والإثم.
قال الزمخشري: هذِه الآية نزلت في بني ليث بن عمرو [من كنانة](3)، كانوا يتحرجون من الاجتماع على الطعام؛ لاختلاف الناس في كثرة الأكل وقلته وزيادة بعضهم على بعض. وقيل: كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده، فربما قعد منتظرًا نهاره إلى الليل، فإن لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة. وقيل: نزلت في قوم من الأنصار إذا نزل بهم
(1) في (م)، (ح): شت.
(2)
في (ل): (الجنح) وهو خطأ.
(3)
ساقطة من (ل)، (م).
ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم (1).
(ويقول) الفقير و (المسكين) والضيف (أحق به مني، فأحل) اللَّه تعالى ([في ذلك أن يأكلوا] (2) مما ذكر اسم اللَّه) للتبرك باسم اللَّه، قال اللَّه تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (3) أي: مما ذكي على اسم اللَّه، وقال:{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} (4) فكلوا ما أحل (5) واتركوا ما حرم (و) قد (أحل) اللَّه لكم (طعام أهل الكتاب) والطعام اسم لما يؤكل والذبائح منه، وحكى الكيا الطبري الاتفاق على جواز أكل ذبيحة أهل الكتاب، واشتراط التسمية من الكافر وعدمها بمثابة واحدة، إذ لم يتصور منه العبادة (6).
ولا بأس بالأكل والشرب والطبخ في آنية أهل الكتاب وغيرهم من الكفار بعد أن تغسل؛ لأنهم لا يتوقون النجاسة، ولا بأس بأكل طعام من لا كتاب له كالمشركين وعبدة الأوثان، ما لم يكن من ذبائحهم، أو لم يحتج إلى ذكاة كالسمك وغيره من الأطعمة.
ولا خلاف بين العلماء أن ما لا يحتاج إلى ذكاة كالطعام الذي لا محاولة فيه كالفاكهة والقمح جائز أكله؛ إذ لا يضر فيه تملك أخذ
(1)"الكشاف" 3/ 309.
(2)
ما بين المعقوفين مستدرك من "السنن".
(3)
الأنعام: 118.
(4)
الأنعام: 119.
(5)
في (ل)، (م): حل.
(6)
"أحكام القرآن" 3/ 58.
الطعام الذي يقع فيه محاولة، على ضربين، أحدهما: ما فيه محاولة صنعة لا تعلق للدين (1) بها كخبز الدقيق وعصير الزيت وطبخ الدبس ونحو ذلك. والثاني: هي التذكية التي يحتاج فيها إلى الدين (2) والنية، كما تقدم.
* * *
(1) في (م): للذنب.
(2)
في (م): الذنب.