الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الخطيب الشربيني: "ومحل البطلان فيما لا يضاهي التحرير، أما ما يضاهيه؛ كجعله مسجدًا إذا جاء رمضان. . فالظاهر صحته كما ذكره ابن الرفعة"
(1)
.
وإن علق الوقف بموجود في الحال صح الوقف، فلو قال: إن كانت هذه الأرض في ملكي فهي صدقة موقوفة، فإن كانت في ملكه وقت التكلم صحَّ الوقف، وإلا فلا؛ لأن التعليق بالشرط الكائن تنجيز
(2)
.
القول الثاني: ذهب المالكية، والحنابلة في قول اختاره ابن تيمية وصاحب الفائق والحارثي، والإباضية. . إلى عدم اشتراط التنجيز في صيغة الوقف، فيصح المنجز وغير المنجز
(3)
، قياسًا على العتق، قال القرافي:"وهو أولى من قياسه على البيع؛ لأنه معروف بغير عوض، فهو أشبه بالعتق، وأخص به من البيع"
(4)
.
ثانيًا: الصيغة المعلقة على شرط:
عرّف ابن نجيم التعليق بأنه ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون أخرى، وقال الحموي: التعليق ترتيب أمر لم يوجد على أمر يوجد، بـ "إنْ" أو إحدى أخواتها
(5)
.
(1)
الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي دار الفكر، بيروت، 2/ 363.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، 4/ 341.
(3)
انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، 6/ 326، بلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، 4/ 104، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 16/ 397، والمصنف في الأديان والأحكام، أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن موسى الكندي السعدي، مطابع سجل العرب، القاهرة، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، 28/ 2/ 32 - 33، وشرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، 12/ 454.
(4)
الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، 6/ 326.
(5)
انظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، 4/ 41.
وقد اختلف الفقهاء في صحة الوقف بصيغة معلقة على شرط، تبعًا لاختلافهم في شرط التنجيز في صيغة الوقف:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والزيدية، والإمامية، والحنابلة في المذهب
(1)
إلى أن الوقف بصيغة معلقة على شرط لا يصح؛ لأنه علّق حصول الوقف على وجود شيء آخر، وهو قدوم أخيه من السفر.
قال الطرابلسي الحنفي: "لو قال: إذا كلمت فلانًا، أو إذا تزوجت فلانة، وما أشبهه، فأرضي هذه صدقة موقوفة، يكون الوقف باطلًا"
(2)
، وقال البهوتي الحنبلي:(فإن علقه) أي الوقف (بشرط غير موته؛ لم يصح) الوقف، سواء كان التعليق الابتدائه: إذا قدم زيد أو وُلد لي ولد، أو جاء رمضان .. فداري وقف على كذا، أو كان التعليق لانتهائه؛ كقوله داري وقف على كذا إلى أن يحضر زيد أو يولد لي ولد ونحوه"
(3)
.
واستدلوا لذلك: بأن الوقف مما لا يحلّف به، فلا يصح تعليقه كما لا يصح تعليق الهبة
(4)
، وبأن الوقف نقل للملك فيما لم يبن على التغليب والسراية، فلم يجز تعليقه بشرط في الحياة كالهبة، وبأن تعليق الوقف يتضمن الجهالة، فلا يصح قياسًا على البيع
(5)
.
(1)
انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، 30، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، 4/ 341، والمهذب في فقه الإمام الشافعي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، 1/ 441، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 23، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، 5/ 152، والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني، 22/ 130 - 131، وشرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، أبو القاسم جعفر بن الحسن الحلى، 2/ 216.
(2)
الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، 30.
(3)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، 4/ 250.
(4)
انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن يوسف بن أبي بكر الطرابلسي، 30.
(5)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، 4/ 250.