الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني: عدم الجواز، وهو مذهب المالكية، والإباضية، وعلّلوا ذلك بقولهم: لأن الوقف في المرض كالوصية ولا وصية لوارث
(1)
، وجاء في الضياء: "وسَلْ عن العطيَّة فإنَّها لا تجوز لوارث ولا لغيره في المرض
…
وإن أوصت امرأة لامرأة من أرحامها يوصيَّة، فماتت الموصى لها قبل الوصيَّة؛ فإنَّ الوصيَّة تبطل؛ لأنّها لا تجب إلا بعد موت الموصي، إلَّا أن تكون وصيّة بحقّ فهي ثابتة لورثة الموصى له، وإن لم تكن بحقّ ولا بإقرار إلَّا من وجه الوصية فلا تثبت"
(2)
.
واستثني المالكية من وقف المريض على الوارث مسألة تعرف بمسألة ولد الأعيان
(3)
، وهي: أن يقف في مرض موته على أولاده لصلبه، وأولاد أولاده وعقبهم، فإن هذا الوقف يصح، ولكن ما يخص الوارث يعتبر؛ كالميراث في القسمة، للذكر مثل حظ الأنثيين، لا ميراث حقيقي، فلا يتصرفون فيه تصرف الملك من بيع وهبة ونحو ذلك؛ لأنه بأيديهم وقف لا ملك
(4)
.
ج) وقف المدين المريض مرض الموت:
وقف المدين المريض مرض الموت لا يخلو إما أن يكون دينًا مستغرقًا لتركته، وإما أن يكون غير مستغرق؛ فإذا وقف المريض ماله أو شيئًا منه ومات وهو مدين بدين مستغرق لتركته؛ فإن نفاذ وقفه يتوقف على إجازة الدائنين، سواء أكان الموقوف عليه
(1)
انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، 4/ 110.
(2)
الضياء، سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري، 19/ 107.
(3)
انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، 4/ 111.
(4)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي 4/ 82 - 83، وبلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، 4/ 111 - 115، والذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، 6/ 305 - 310.
وارثًا أم غير وارث، وسواء كان الموقوف أقل من الثلث أم مساويًا له أم أكثر منه، فإن أجازوه نفذ، وإن لم يجيزوه بطل الوقف، وبيعت الأعيان الموقوفة لوفاء ما عليه من الديون، ولا عبرة بإجازة الورثة؛ لأن ذلك ليس من حقهم
(1)
.
قال ابن تيمية: "من كان عليه دين مستغرق لماله فليس له في مرض الموت أن يتبرع لأحد بهبة ولا محاباة ولا إبراء من دين إلا بإجازة الغرماء، بل ليس للورثة حق إلا بعد وفاء الدين، وهذا باتفاق المسلمين، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، والتبرع في مرض الموت كالوصية باتفاق الأئمة الأربعة"
(2)
.
أما إذا وقف المريض شيئًا من ماله وكان مدينًا بدين غير مستغرق؛ فإنه يتوقف فيما يتعلق به الدين، وما زاد عليه لا يتوقف فيه
(3)
.
(1)
انظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، 4/ 17، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، 5/ 203، ورد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، 4/ 397، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 1/ 111 - 112، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، دار الكتاب الإسلامي، 5/ 150، والتاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 3/ 283، والمنثور في القواعد، أبو عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، 3/ 218، نهاية المحتاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة ابن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، 4/ 353، والفتاوى الكبرى الفقهية، ابن حجر الهيتمي، 3/ 13.
(2)
الفتاوى الكبرى لابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي، 4/ 183 - 184.
(3)
انظر: أحكام الوصايا والأوقاف، محمد مصطفى شلبي، 348.