الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس اشتراط أن يكون الموقوف معلومًا
وهو المُعبّر عنه في بعض الكتب بوقف المجهول، والجهل ضد العلم، والمراد هنا العلم بالمال الموقوف صفة وذاتًا، علمًا يرفع الجهالة.
وقد يلتبس هذا الشرط مع الشرط الذي سبق؛ وهو شرط التعيين، وبينهما اختلاف واضح.
فالمراد بالتعيين ما يرفع الإبهام، والمراد بالعلم ما يرفع الجهالة.
والتعيين يكون من بين أعيان معلومة، بينما المجهول غير معلوم العين أو الوصف أصلًا.
وقد اختلف الفقهاء فيما إذا وقف المرء من ماله شيئًا مجهولًا، كأن يقف شيئًا من أرضه ولم يبينه، أو يقف دارًا من دوره من غير تعيين على قولين:
القول الأول: عدم صحة وقف المجهول، وبه قال الحنفية
(1)
، وهو الصحيح من مذهب الشافعية
(2)
، وهو المذهب عند الحنابلة
(3)
، والإمامية
(4)
.
الأدلة: استدلوا بالأدلة الآتية:
1 -
" أن الوقف تمليك للعين أو للمنفعة؛ فلم يصح في غير معين؛ كالإجارة"
(5)
.
2 -
"أن الوقف نقل للملك على وجه القرية، فلم يصح في غير معين؛ كالهبة"
(6)
.
3 -
أن الجهالة تمنع من تسليم الموقوف، ولا يمكن الانتفاع به دون تسليمه، وما لا ينتفع به لا يصح وقفه
(7)
.
(1)
الإسعاف، الطرابلسي، ص 27.
(2)
المهذب، الشيرازي، 1/ 575.
(3)
الإنصاف، المرداوي، 16/ 375.
(4)
فقه الإمام جعفر، محمد جواد مغنية، 5/ 62.
(5)
المقنع، ابن مفلح، 4/ 120.
(6)
الشرح الكبير، ابن قدامة، 16/ 375، والمهذب، الشيرازي، 1/ 575.
(7)
انظر: الحاوي الكبير، الماوردي، 7/ 518.
القول الثاني: صحة وقف المجهول، وبه قال المالكية
(1)
، وهو وجه في مذهب الشافعية
(2)
، واحتمال في مذهب الحنابلة
(3)
، وقول عند الزيدية
(4)
، وهو الذي يظهر من مذهب الإباضية؛ ذلك أنهم يجيزون الوصية بالمجهول، والوقف عندهم يأخذ جلَّ أحكام الوصية
(5)
.
الأدلة: استدل من قال بصحة وقف المجهول بما يأتي:
1 -
القياس على العتق
(6)
، فكما أنه لو أعتق أحد عبديه صح؛ فكذلك لو وقف إحدى داريه.
2 -
القياس على الهبة؛ لأن الوقف تبرع؛ فيصح بالمجهول؛ كالهبة
(7)
.
(1)
انظر: البهجة في شرح التحفة، التسولي، 2/ 223.
(2)
انظر: روضة الطالبين، النووي، 5/ 315.
(3)
انظر: الإنصاف، المرداوي، 16/ 375.
(4)
انظر: شرح الأزهار، ابن مفتاح، 5/ 179، 181.
(5)
وهو الإيصاء بما لا يشاهد ولا يعلم بصفة، فلو أوصى بشاة من غنمه، أو بثوب من ثيابه، أو نخلة من نخيله؛ جازت الوصية في كل ذلك اتفاقًا عندهم، وإنما اختلفوا في تحديد الموصى به، فقيل: يؤخذ من ذلك الأوسط، وقيل: ما لا عيب فيه من ذلك، وقيل: ما يقع عليه الاسم.
انظر: شرح كتاب النيل، أطفيش، 12/ 301 - 302
(6)
انظر: الوسيط، الغزالي، 4/ 241.
(7)
صحة هبة المجهول هو مذهب المالكية، انظر: الشرح الصغير، الدردير، 4/ 38.