الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع السادس: الإسلام:
أولًا: آراء الفقهاء في اشتراط الإسلام لصحة الوقف:
اختلف الفقهاء في اشتراط الإسلام لصحة الوقف على قولين:
القول الأول: لا يشترط الإسلام لصحة الوقف، فيصح وقف غير المسلم في الجملة، ذميًا كان أو حربيًا، وهو قول الجمهور من حنفية، ومالكية، وشافعية، وحنابلة، وإمامية
(1)
، وإباضية، وهو ما يفيده الثميني في الضياء:"ومن أوصى لأقاربه وفيهم ذِمِّيّ دخل معهم، وكذلك لو أوصى الذِّمِّيّ وقريبه مسلم دخل في الوصيَّة؛ لأنَّ الوصيَّة لغير الوارث، وهي تجب بالرحم وليس بميراث"
(2)
.
وجاء في الفتاوى الهندية: "حربي دخل دار الإسلام بأمان ووقف، جاز من ذلك ما يجوز من الذمي"
(3)
، وقال ابن عابدين: "الوقف ليس موضوعًا للتعبد كالصلاة والحج، بحيث لا يصح من الكافر أصلًا، بل التقرب به موقوف على نية القربة، فهو
(1)
انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، 6/ 200، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلبيِّ (الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس الشِّلبِيُّ)، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، 3/ 325، والفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 2/ 365، وبلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، 4/ 118، وتحفة الحبيب على شرح الخطيب (حاشية البجيرمي على الخطيب)، سليمان بن محمد بن عمر البُجَيرَمِيّ المصري الشافعي، 3/ 243، والغرر البهية في شرح البهجة الوردية، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، المطبعة الميمنية، 3/ 365، وفتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل، سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري المعروف بالجمل، 4/ 42، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 7/ 12 - 13، وشرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، 1/ 457، ومنهاج الصالحين، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، وبهامشه التعليق عليه للسيد محمد باقر الصدر، 2/ 307.
(2)
الضياء، سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 19/ 91.
(3)
الفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 2/ 353.
بدونها مباح؛ حتى يصح من الكافر؛ كالعتق والنكاح"
(1)
، وعلّل البغوي صحة وقفه وإن لم يعتقده قرية اعتبارًا باعتقادنا، كما يصح منه بيع الشحم وإن اعتقد منعه
(2)
، وذكر عبد الأعلى الموسوي من الإمامية أنه: لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلمًا، فيصح وقف الكافر فيما يصح من المسلم على الأقوى؛ للإطلاق وظهور الاتفاق، وأصالة عدم الاشتراط بعد صدق الوقف عليه، وكذا فيما يصح على مذهبه؛ تقريرًا لهم على مذهبهم، وأما الإشكال على الصحة بأن الوقف متقوم بقصد القرية، وهو لا يحصل من الكافر؛ لعدم اعتقاده بالله تعالى .. فممنوع؛ لأن كثيرًا من الكفار يعتقدون بالله تعالى إجمالًا، وإنما أخطؤوا في طريق معرفته وعبوديته، ويدل عليه قوله تعالى:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}
(3)
(4)
.
القول الثاني: يشترط لصحة الوقف أن يكون الواقف مسلمًا، وهو قول الزيدية؛ إذ من شروط الوقف عندهم القربة، فلا يصح وقف الكافر
(5)
، وذكر ابن قاضي شهبة من الشافعية احتمال عدم صحة وقف الكافر؛ اعتبارًا باعتقاده
(6)
.
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، 4/ 341، وفتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، 4/ 200 - 201، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 78، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد الخطيب الشربيني، 2/ 376 - 377.
(2)
انظر: بداية المحتاج في شرح المنهاج في الفقه الشافعي، بدر الدِّين أبو الفضل محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسَدِيُّ الدِّمَشقيُّ الشافعيُّ المعروف بابن قاضي شُهبَةَ، إدارة الثقافة الإسلامية، الكويت، ط 1، 1432 هـ/ 2011 م، 4/ 124.
(3)
سورة الزمر، آية 3.
(4)
انظر: مهذب الأحكام لعبد الأعلى الموسوي، موسوعة الوقف في الفقه الإسلامي، 5/ 135 - 136.
(5)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، دار الكتاب الإسلامي، 5/ 150، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، 3/ 459.
(6)
انظر: بداية المحتاج في شرح المنهاج في الفقه الشافعي، بدر الدِّين أبو الفَضلِ محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسَدِيُّ الدِّمَشقيُّ الشافعيُّ المعروف بابن قاضي شُهبَةَ، 4/ 124.