الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني: وقف المريض ينفذ من أصل التركة، وهذا قول ثانٍ للإمامية
(1)
، وهو موافق لما تفيده عبارات الظاهرية، قال ابن حزم:"وإقرار المريض في مرض موته، وفي مرض أفاق منه، لوارث ولغير وارث .. نافذ من رأس المال كإقرار الصحيح، ولا فرق"
(2)
، وقال أيضًا:"هبة المرأة ذات الزوج، والبكر ذات الأب، واليتيمة، والعبد والمخدوع في البيوع، والمريض مرض موته، أو مرض غير موته، وصدقاتهم كهبات الأحرار واللواتي لا أزواج لهن ولا أباء كهبات الصحيح ولا فرق"
(3)
.
ب) وقف المريض غير المدين على الورثة:
اختلف الفقهاء في وقف المريض غير المدين على الورثة على قولين:
القول الأول: الجواز، وهو مذهب الحنفية، والشافعية والحنابلة، والظاهرية، والإمامية، والزيدية
(4)
.
واختلف القائلون بالجواز في المقدار، فإن كان الموقوف ثلث التركة فأقل؛ فإن الوقف صحيح نافذ عند الحنفية، والحنابلة في المذهب، والزيدية، ورواية عند
(1)
انظر: شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، 1/ 456.
(2)
المحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، المسألة رقم (1380)، 7/ 106.
(3)
المرجع السابق، المسألة رقم (1644)، 8/ 123.
(4)
انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد بن عبده الدمشقي الحنبلي، 4/ 403، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، 5/ 211، ورد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، 4/ 354، وتحفة الحبيب على شرح الخطيب (حاشية البجيرمي على الخطيب)، سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ المصري الشافعي، 3/ 89، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، المسألة رقم (1380)، 7/ 106، والمسألة رقم (1644)، 8/ 123، وشرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، 1/ 456، والتاج المذهب الأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 4/ 359 - 365.
الإمامية، سواء أجاز بقية الورثة أم لم يجيزوا، وإن كان الموقوف أكثر من ثلث التركة فوقف الزائد على إجازة بقية الورثة
(1)
.
ويفهم من كلام الإباضية جواز وقف المريض إذا كان من ثلث ماله فأقل، قال الشماخي:"كل ما أخرجه المريض من مال بغير عوض؛ مثل: هبته، وإباحته، وتبرئته من التباعات التي تكون له على الناس، وما تصدق به إذا مات في مرضه الذي مات فيه، فذلك كله من الثلث بمنزلة الوصية وقياسًا عليها، ويعضد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (جعل الله لكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم)، فجائز تصرفه فيما جعله الله له، وهذا لغير الوارث"
(2)
، وقال:"إن برئ من مرضه فيجوز جميع أفعاله في مرضه؛ لوارث كان أو لغيره؛ لأن ما كان عندهم ضعيفًا بالمرض كان قويًّا بالصحة"
(3)
.
وصرّح الشافعية، وأحمد في رواية عنه بأن وقف المريض على الوارث موقوف على إجازة باقي الورثة، ولو لم يزد على الثلث، واستدلوا بما يأتي:
1 -
أنه تخصيص لبعض الورثة بماله في مرضه؛ فمُنع منه كالهبات.
2 -
أن كل من لا تجوز له الوصية بالعين لا تجوز بالمنفعة؛ كالأجنبي فيما زاد على الثلث
(4)
.
3 -
ولأن الوقف ليس في معنى الملك؛ لأنه لا يجوز التصرف فيه، فهو كعتق الوارث
(5)
.
(1)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، 5/ 210 - 211، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد بن عبده الدمشقي الحنبلي، 4/ 403 - 404، والتاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 4/ 43 - 365، والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، لمحمد بن جمال الدين المكي العاملي، وزين الدين الجبعي العاملي، 3/ 196.
(2)
كتاب الإيضاح، عامر بن علي الشماخي، 4/ 464 - 465.
(3)
المرجع السابق، 4/ 466.
(4)
انظر: تحفة الحبيب على شرح الخطيب (حاشية البجيرمي على الخطيب)، سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ المصري الشافعي، 3/ 89، والمغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 8/ 217.
(5)
انظر: المغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 8/ 218.