الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والوقف ليس له ألفاظ معينة لا ينعقد إلا بها، بل يكتفى في حصول الوقف بكل لفظ يشعر بالمقصود؛ قال القاضي عبد الوهاب: الألفاظ التي ينعقد بها الوقف هي أن يقول: وقفت، وحبست، وتصدقت، وما أشبه ذلك مما يفيد معناه
(1)
.
وقال الخطيب الشربيني: صرائح الطلاق محصورة، بخلاف الوقف
(2)
.
وقد قسَّم الفقهاء ألفاظ الوقف إلى أقسام عدة باعتبارات مختلفة:
1 -
فمنهم من راعي الظهور من عدمه؛ كالمالكية، والشافعية والحنابلة، وبعض الحنفية، والإمامية، والزيدية، والإباضية؛ حيث قسموا: ألفاظ الوقف باعتبار ظهور المراد منها واستتاره إلى: صريح وكناية
(3)
.
(1)
انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة الإمام مالك بن أنس، القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1418 هـ/ 1998، 2/ 487.
(2)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، مطبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1958 م، 2/ 382، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، مطبوع مع المقنع والشرح الكبير، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر، مصر، ط 1، 1415 هـ/ 1995 م، 7/ 6.
(3)
انظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري، أبو بكر بن علي بن محمد الحداد اليمني، مكتبة حقانية، باكستان، 1/ 335، وبلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)(الشرح الصغير هو شرح الشيخ الدردير لكتابة المسمى أقرب المسالك لِمَذْهَبِ الإِمَام مَالكٍ)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، دار المعارف، 4/ 103، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي، دار المنهاج، جدة، ط 1، 1421 هـ/ 2000 م، 8/ 73، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، 5/ 324، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 5/ 371 - 372، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، دار الكتاب الإسلامي، 2/ 462، الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، محفوظ بن أحمد بن الحسن، أبو الخطاب الكلوذاني، مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، ط 1، 1425 هـ/ 2004 م، 336، والمغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 8/ 189 - 190، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 5 - 6، اللمعة الدمشقية، السعيد محمد بن جمال الدين مكي العاملي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1412 هـ/ 1992 م، 3/ 164، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1394 هـ/ 1975 م، 5/ 150، وشرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 12/ 453.
والصريح كما يقول الحنفية: ما ظهر المراد منه ظهورًا بيِّنًا بالاستعمال أو العرف ونحوهما.
والكناية خلاف الصريح، وهو ما استتر المراد منه بالاستعمال
(1)
.
وقال السيوطي: الصريح اللفظ الموضوع لمعنى لا يُفهم منه غيره عند الإطلاق، ويقابله الكناية؛ ويعبّر عن هذا المعنى بقاعدة نصها: الصريح لا يحتاج إلى نية والكناية لا تلزم إلا بنية
(2)
.
2 -
ومنهم من جعل مورد القسمة استقلالية التصريح كالشافعية الذين قسّموا اللفظ الصريح في الوقف إلى: ما هو صريح بنفسه، وصريح بغيره
(3)
؛ وقالوا: صرائح الوقف غير محصورة
(4)
.
وقال الحنابلة: صريح الوقف: وقفت، وحبست، وسبّلت، وكنايته: تصدّقت، وحرّمت، وأبّدت؛ فلا يصح الوقف بالكناية إلا أن ينويه أو يقرن بها أحد الفاظ الوقف الباقية من الصريح أو الكناية، أو حكم الوقف
(5)
.
(1)
انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي ("أصول البزدوي" بأعلى الصفحة، يليه مفصولًا بفاصل شرحه "كشف الأسرار" لعلاء الدين البخاري)، علاء الدين عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري الحنفي، دار الكتاب الإسلامي، 1/ 65 - 66.
(2)
انظر: الأشباه والنظائر في قواعد و فروع فقه الشافعية، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 294، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، 2/ 382.
(3)
انظر: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، المطبعة الميمنية، 3/ 365، والأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، 300.
(4)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، 2/ 382.
(5)
انظر: الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، محفوظ بن أحمد بن الحسن، أبو الخطاب الكلوذاني، 336، والمغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، 8/ 189، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 5.
وصرّح الزيدية بأنه لا بد من قصد القرية في صريح الوقف وكنايته، إذ شرع لها، ولا بد من النطق بها أو بما يدل عليها مع الكناية، لا الصريح
(1)
.
بينما راعي المالكية مبدأ التجريد والاقتران، فقسَّموا ألفاظ الوقف من حيث تجردها أو اقترانها بغيرها إلى ألفاظ مطلقة مجردة، وألفاظ مقترنة بما يقتضي التأبيد
(2)
.
أما جمهور الحنفية فقد أوصلوا الألفاظ الدالة على الوقف إلى سبعة وعشرين لفظا، من غير أن يقسموها إلى صرائح وكنايات
(3)
؛ وهي:
الأول: أرضي هذه صدقة موقوفة مؤيدة على المساكين، لا خلاف فيه.
الثاني: صدقة موقوفة؛ اختُلف فيه: فهلال الرأي وأبو يوسف وغيرهما على صحته؛ لأنه لما ذكر "صدقة" عرف مصرفه، وانتفى بقوله:"موقوفة" احتمال كونه نذرًا.
الثالث: حبس صدقة.
الرابع: صدقة محرمة، وهما - أي اللفظ الثالث والرابع - كاللفظ الثاني.
الخامس: موقوفة فقط، لا يصح إلا عند أبي يوسف، فإنه يجعلها بمجرد هذا اللفظ موقوفة على الفقراء، وإذا كان مفيدًا لخصوص المصرف؛ أعني: الفقراء لزم كونه مؤبدًا؛ لأن جهة الفقراء لا تنقطع.
السادس: موقوفة على الفقراء؛ صحَّ عند هلال أيضًا؛ لزوال الاحتمال بالتنصيص على الفقراء.
(1)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، 5/ 150.
(2)
انظر: التلقين في الفقة المالكي، أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي، دار الكتب العلمية، ط 1، 1425 هـ/ 2004 م، 216، والذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق: سعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1994 م، 6/ 316، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني، 6/ 27 - 28.
(3)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 5/ 205 - 206، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، 4/ 340.
السابع: أرضي محبوسة.
الثامن: حبس؛ وهما - أي اللفظ السابع والثامن - باطلان، ولو كان في حبس مثل هذا العرف؛ يجب أن يكون كقوله: موقوفة.
التاسع: هي للسبيل؛ إن تعارفوه وقفًا مؤبدًا للفقراء؛ كان كذلك، وإلا سئل؛ فإن قال: أردت الوقف: صار وقفًا؛ لأنه محتمل لفظه، أو قال: أردت معني صدقة؛ فهو: نذر، فيتصدق بها أو بثمنها، وإن لم ينو كانت ميراثًا.
العاشر: جعلتها للفقراء، إن تعارفوه وقفًا؛ عُمل به، وإلا سئل؛ فإن أراد الوقف فهي وقف، أو الصدقة فهي نذر، وهذا عند عدم النية؛ لأنه أدنى، فإثباته به عند الاحتمال أولى.
الحادي عشر: أرضي محرمة.
الثاني عشر: أرضي وقف، وهو صحيح، وهي معروفة عند أهل الحجاز.
الثالث عشر: أرضي حبس موقوفة؛ وهو كالاقتصار على موقوفة.
الرابع عشر: جعلت نزل كَرمي (بستان عنب) وقفًا: فيه ثمرة أو لا.
الخامس عشر: جعلت غلته وقفًا، وكذلك من الخامس عشر: موقوفة لله بمنزلة موقوفة، وورد في الفتاوى البزازية من كتب الحنفية
(1)
صحة الوقف بقوله وقف أو موقوفة.
السادس عشر: صدقة فقط؛ فتكون: صدقة، فإن لم يتصدق حتى مات كانت ميراثًا.
السابع عشر: هذه موقوفة على وجه الخير، أو على وجه البر، تكون وقفًا على الفقراء.
الثامن عشر: صدقة موقوفة في الحج عني، والعمرة عني؛ يصح الوقف، ولو لم يقل: عني، لا يصح الوقف.
(1)
انظر: الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وبهامشه فتاوي قاضيخان والفتاوي البزازية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند الأعلام، دار صادر، بيروت، 1411 هـ/ 1991 م، 6/ 246.