الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاتي، أو قال: أرضي هذه صدقة محبوسة مؤيدة، أو قال: حبيسة مؤيدة حال حياتي وبعد وفاتي، يصير وقفًا جائزًا لازمًا على الفقراء عند الكل
(1)
.
وصرّح المالكية بأن ألفاظ الوقف قسمان: ألفاظ مجردة، وألفاظ يقترن بها ما يقتضي التأبيد، نحو محرم، أو مؤبد، أو لا يباع ولا يوهب
(2)
.
اللفظ السادس: لفظ "الجعل
":
إذا قال شخص: جعلت هذه الدار مسجدًا؛ فهل يعتبر لفظ الجعل صريحًا في الدلالة على الوقف أو كناية؟
اختلف الفقهاء في اعتبار ذلك صريحًا في الوقف أو كناية أو غير ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب الإباضية
(3)
، والإمامية في قول
(4)
، والزيدية في قول .. إلى أن لفظ:"جعلت" كناية ينشأ به الوقف. فما ذكره الزيدية: أن إضافة هذا اللفظ إلى
(1)
انظر: الفتاوي الهندية، مجموعة من علماء الهند، 2/ 357، (8)، والذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، 6/ 316، ومواهب لجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني، 6/ 28، المحيط البرهاني، محمود بن أحمد بن الصدر الشهيد النجاري برهان الدين مازه، 7/ 7، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، 5/ 205، وشرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، 12/ 453، منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن سعيد بن على بن مسعود الرستاقي، 13/ 257، ومسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع لإسلام، زين الدين بن علي العاملي، 5/ 312، ومفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة السيد محمد جواد الحسيني العاملي، 9/ 5.
(2)
انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، 6/ 316، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني، 6/ 28، المحيط البرهاني، محمود بن أحمد بن الصدر الشهيد النجاري برهان الدين مازه، 7/ 7، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، 5/ 205.
(3)
انظر: شرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، 12/ 453، ومنهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن عيد بن على بن مسعود الرستاقي، 13/ 257.
(4)
انظر: مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، زين الدين بن علي العاملي، 5/ 312، ومفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة السيد محمد جواد الحسيني العاملي، 9/ 5.
المساجد والفقراء ونحوها، فإنه يراد به الوقف، لأجل العرف، وأما إذا أضافه إلى رجل معين فقيرًا كان أو غنيًا؛ فلا كون وقفًا، وإنما يكون نذرًا؛ لأن هذا اللفظ غير كافٍ في الدلالة على الوقف، ما لم ينضم إليه ما يدل على إنشاء الوقف
(1)
.
القول الثاني: ذهب الشافعية في القول الأصح، والحنابلة، والزيدية في قول، والإمامية في قول آخر .. إلى أنّ لفظ:"جعلتُ" يعتبر صريحًا في الوقف
(2)
.
واستدلوا لذلك بما يأتي:
1 -
عن أَبِي سَلمةَ بشرِ بن بَشيرٍ الأسلميِّ، عَن أَبيهِ، قَالَ: لمَّا قَدِمَ المُهاجرُونَ المَدينةَ استَنكرُوا المَاءَ، وكَانت لِرجُلٍ مِن بَنِي غِفَارٍ عينُ يُقالُ لَهَا رُومَةٌ، وَكانَ يَبِيعُ مِنهَا القَربَةَ بِمُدٍّ فقَالَ له رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"بِعنِيها بعَين في الجنَّة"، فقال: يا رَسُولَ الله لَيسَ لِي، وَلَا لعيالي غَيرُها، لا أستطيع ذَلكَ، فَبَلغَ ذَلِكَ عُثمَانَ رضي الله عنه فاشتَرَاهَا بِخَمسَةٍ وثَلاثِينَ أَلفَ دِرهمٍ، ثُمَّ أتى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، أَتجعلُ لِي مِثلَ الَّذي جَعَلتهُ له عَينًا في الجَنَّةِ إِنِ اشَترَيتُهَا؟ قال:"نَعم"، قال: قَدِ اشتَرَيتُهَا، وَجَعَلتُهَا للمُسلِمِينَ
(3)
، فقد استعمل لفظ "جعلتُ" في وقف البئر.
2 -
لأن لفظ: "جعلتُ" يشعر بالمقصود من الوقف
(4)
.
(1)
انظر: شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، 3/ 463.
(2)
انظر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، 5/ 325، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 6، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، 3/ 463، وجامع المقاصد في شرح القواعد، علي بن الحسين الكركي، 9/ 14.
(3)
المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط 2، رقم (1226) 2/ 41، قال الهيثمي فيه: عبد الأعلَى بنُ أَبِي المَسَاوِرِ، وَهُوَ ضَعيفٌ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408 هـ/ 1988 م، 3/ 129.
(4)
انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 6/ 7.