الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني: أن وقف الفضولي غير صحيح ولو أجازه المالك، وهو مذهب المالكية في المشهور، والشافعية في الجديد، والحنابلة في المذهب، والزيدية، وجماعة من الإمامية، والظاهرية، وعللوا ذلك بخروج الموقوف بغير عوض، بخلاف المبيع، فإن البيع صحيح؛ لأنَّهُ يخرج بعوض
(1)
؛ ولأن الْوَقْف إنشاء، والإجازة لا تلحق الإنشاءات
(2)
؛ ولأن عبارة الفضولي لا أثر لها، وتأثير الإجازة غير معلوم؛ لأن الْوَقْف فكُّ ملك في كثير من موارده، ولا أثر لعبارة الغير فيه
(3)
.
ثانيًا: التوكيل بالوقف:
الوكالة لغة: هي الحفظ، قال تعالى:{وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
(4)
؛ أي نعم الحافظ
(5)
.
والتوكيل في الاصطلاح: تفويض التصرف، والحفظ إلى الوكيل
(6)
، وفي مغني المحتاج:"التوكيل هو تفويض شخص ما له فعلُه مما يقبل النيابة إلى غيره لِيَفْعَلَه في حياته"
(7)
.
= الدمشقية، محمد بن جمال الدين المكي العاملي وزين الدين الجبعي العاملي، 3/ 176.
(1)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 76، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد الخطيب الشربيني، 2/ 15، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 4/ 283، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، المسألة (1462) 7/ 351 - 352، والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، لمحمد بن جمال الدين المكي العاملي وزين الدين الجبعي العاملي، 3/ 176 ومنهاج الصالحين، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، وبهامشه التعليق عليه للسيد محمد باقر الصدر، 2/ 305.
(2)
انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 3/ 285.
(3)
انظر: الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، لمحمد بن جمال الدين المكي العاملي، وزين الدين الجبعي العاملي، 3/ 176.
(4)
سورة آل عمران، آية 173.
(5)
انظر: لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، 11/ 734، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، مادة (وكل)، 2/ 670.
(6)
انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، 6/ 19.
(7)
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد الخطيب الشربيني، 2/ 217.
والتوكيل نوعان: خاص، وعام
(1)
.
أ) التوكيل الخاص: كأن يوكل شخص آخر بأن يقف أرضه أو داره، فيرى جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية والحنابلة، والزيدية، والإمامية .. جواز التوكيل في الْوَقْف
(2)
، واستدلوا على ذلك بقياس الْوَقْف على البيع، فقالوا: إن الْوَقْف في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل فيه؛ فيثبت فيه حكمه
(3)
.
ويؤخذ من عبارات الظاهرية أن التوكيل بالوقف غير جائز عندهم، قال ابن حزم: "ولا تجوز وكالة على طلاق، ولا على عتق ولا على تدبير، ولا على رجعة، ولا على إسلام، ولا على توبة، ولا على إقرار، ولا على إنكار، ولا على عقد الهبة، ولا على العفو، ولا على الإبراء، ولا على عقد الضمان، ولا على ردة، ولا على قذف، ولا على صلح، ولا على إنكاح مطاق بغير تسمية المنكحة والناكح؛ لأن كل ذلك إلزام حكم لم يلزم قط، وحل عقد ثابت، ونقل ملك باللفظ، فلا يجوز أن يتكلم أحد إلا حيث أوجب ذلك نصٌّ، ولا نصَّ على جواز الوكالة في شيء من هذه الوجوه، والأصل ألا يجوز قول أحد على غيره ولا حكمه على غيره؛
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، 5/ 509.
(2)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، 7/ 143،، والفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 3/ 564 - 565، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 3/ 378 ورد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، 5/ 511 - 512، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، دار الكتاب الإسلامي، 6/ 56 - 58، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 5/ 356، ونهاية المحتاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، دار الفكر للطباعة بيروت، 1404 هـ / 1984 م، 5/ 22 - 23 والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، لمحمد بن جمال الدين المكي العاملي وزين الدين الجبعي العاملي، 4/ 371 - 372.
(3)
انظر: المغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 7/ 198 - 199.
لقول الله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(1)
، وكل ما ذكرنا كسب على غيره وحكم بالباطل يمضيه أحد على أحد"
(2)
.
ب) أما التوكيل العام؛ كأن يقول الموكل لشخص: أنت وكيلي في كل شيء، أو في كل أموري، أو فوضت إليك كل شيء .. فقد اختلف الفقهاء في صحة هذه الوكالة على قولين:
القول الأول: لا تصح الوكالة العامة عند أبي حنيفة، وهو مذهب الشافعية والحنابلة؛ لما فيها من غرر، وقالوا: إنما يجوز منها ما سمي وحدد ونص عليه، قال ابن رشد من المالكية: وهو الأقيس؛ إذ كان الأصل فيها المنع، إلا ما وقع عليه من الإجماع
(3)
، وعليه فلا يصح الْوَقْف بالتوكيل العام عندهم؛ لعدم إجازتهم الوكالة العامة أساسًا.
القول الثاني: يصح الْوَقْف بالتوكيل عند القائلين بجواز الوكالة العامة، وعلى ذلك أكثر الحنفية، والمالكية، وبه قال ابن أبي ليلى، إلا أن المفتى به عند الحنفية عدم صحة الْوَقْف بالوكالة العامة، وقال بعضهم بصحة الْوَقْف بالوكالة العامة لإطلاق لفظ التعميم
(4)
.
(1)
سورة الأنعام، آية 164.
(2)
المحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، المسألة رقم (1363)، 7/ 91.
(3)
انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط 4، 1395 هـ / 1975 م، 2/ 302.
(4)
انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، 7/ 501، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، 7/ 140، وغمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، 3/ 25 - 26، والفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 3/ 565، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد، 2/ 301 - 302 وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 3/ 380، ونهاية المحتاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، 5/ 25، والمغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، 5/ 211 - 212.