الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني اشتراط أن يكون الموقوف مالًا متقومًا منتفعًا به شرعًا
أولًا: المال المتقوم عند الفقهاء
(1)
:
وعبارة "المال المتقوم" اصطلاح عند الحنفية، وهو من تقسيمات المال عندهم باعتبار ما له من حرمة وحماية، وجعلوه بهذا الاعتبار قسمين: المال المنقوم، والمال غير المتقوم.
والمال المتقوم ما جمع ركنين: الأول: الحيازة والإحراز، والثاني: إباحة الانتفاع به شرعًا مطلقًا؛ مثل العقارات والمنقولات والمطعومات بأنواعها، إلا ما كان محرمًا منها.
وغير المتقوم ما اختل فيه أحد الركنين السابقين، فكل ما لم يحرز لا يعد مالًا وإن كان مباح الانتفاع؛ كالطير في الهواء، والسمك في الماء، وكل حيوان وحشي في البرية مما يباح صيده.
ومن المال غير المنقوم ما حيز فعلًا ولكن لا يجوز الانتفاع به شرعًا في حال السعة والاختيار، كالخمور وآلات اللهو المحرم.
أما الجمهور فالعبرة عندهم بإباحة الانتفاع شرعًا، فما جاز الانتفاع به شرعًا عُدَّ مالًا، وما لم يجز الانتفاع به فلا يعد مالًا
(2)
.
ولم يختلف الفقهاء قديمًا في اشتراط كون الشيء الموقوف مالًا، بل هو كالإجماع بينهم، فهو مذهب الحنفية
(3)
، والمالكية
(4)
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 340، والمهذب في فقه الإمام الشافعي،
الشيرازي،
1/ 440، والإنصاف، المرداوي، 7/ 9.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 501، وحاشية الدسوقي، 3/ 10، والمجموع، النووي، 9/ 158، وكشاف القناع، البهوتي، 3/ 152.
(3)
انظر: فتح القدير، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، دار ابن كثير، دمشق، ط 1، 1414 هـ، 6/ 216 - 217.
(4)
انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل، محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي، أبو عبد الله المواق المالكي، دار الكتب العلمية، ط 1، 1416 هـ/ 1994 م، 7/ 630.
والشافعية
(1)
، والحنابلة
(2)
، والزيدية
(3)
، والإمامية
(4)
، والإباضية
(5)
.
فقال ابن عابدين من الحنفية: "ومحل الوقف: المال المتقوم"
(6)
، وقال خليل المالكي:"صح وقف مملوك وإن بأجرة"
(7)
، وقال النووي الشافعي:"وشرط الموقوف مع كونه عينًا مملوكة ملكًا يقبل النقل"
(8)
، وقال ابن قدامة الحنبلي:"ولا يصح (أي الوقف) إلا بشروط أربعة؛ أحدها: أن يكون في عين يجوز بيعها ويمكن الانتفاع بها دائمًا مع بقاء عينها"
(9)
، ومن نصوص الزيدية قول صاحب والبحر:"يشترط في العين الموقوفة صحة الانتفاع بها مع بقاء عينها؛ لتحصل فائدة التأييد والملك المحض"
(10)
، وقال الطوسي من الإمامية: "شرائط الموقوف أربعة؛ أن يكون عينًا مملوكة ينتفع بها مع بقائها
…
ولو وقف ما لا يملكه لم يصح وقفه"
(11)
.
(1)
انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة، أحمد سلامة القليوبي وأحمد البرنسي عميرة، دار الفكر، بيروت، 1415 هـ/ 1995 م، 3/ 99.
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة، 8/ 231.
(3)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، مكتبة غامض، صنعاء، 4/ 150.
(4)
انظر: شرائع الإسلام، المحقق الحلي، تحقيق مع تعليقات: السيد صادق الشيرازي، مكتبة أمير، قم، إيران، ط 2، 1409 هـ، 2/ 212 - 213.
(5)
الضياء، مسلمة بن مسلم الصحاري، العوتبي، مكتبة الإمام نور الدين السالمي، عمان، 19/ 22.
(6)
رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 359، 374.
(7)
مختصر العلامة خليل، خليل بن إسحاق بن موسى، ضياء الدين الجندي المالكي المصري، تحقيق: أحمد جاد، دار الحديث، القاهرة، ط 1، 1426 هـ/ 2005 م، 220.
(8)
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، دار الكتب العلمية، ط 1، 1415 هـ، 2/ 511.
(9)
الشرح الكبير على متن المقنع، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي، أبو الفرج، شمس الدين، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 16/ 369.
(10)
البحر الزخار، المرتضي، 4/ 150.
(11)
شرائع الإسلام، الحلي، 2/ 212 - 213.