الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثامنًا: مسألة قسمة الوقف بين الموقوف عليهم قسمة مهايأة:
والمهايأة: "قسمة المنافع على التعاقب والتناوب"
(1)
، وحدّدها ابن عرفة بأنها: اختصاص كل شريك بمشترك فيه عن شريكه فيه زمنًا معينًا، من متحد أو متعدد، يجوز في نفس منفعته لا في غلته"
(2)
.
وتتنوع إلى نوعين
(3)
:
1 -
مهايأة زمانية: وهي التناوب على الانتفاع بالعين المشتركة كاملةً، مدة معلومة من الزمن، تتناسب مع نصيب الشريك في العين المشتركة.
2 -
مهايأة مكانية: وهي أن يستقل كل واحد من الشريكين أو الشركاء بالانتفاع ببعض معين من المال المشترك، مع بقاء الشركة في عين المال بحالها.
أ) حكم قسمة المهايأة:
التهايؤ إما أن يكون على منفعة الموقوف أو على غلته.
1 -
أما التهايؤ على منفعة الموقوف: فإذا كان الوقف على معينين، واتفق الموقوف عليهم على الانتفاع بالوقف عن طريق المهيأة الزمانية؛ بأن ينتفع أحدهما بعين واحدة مدة وينتفع الآخر بها مدة أخرى، أو عن طريق المهايأة المكانية، كما إذا تهايآ في دار على أن يسكن أحدهما ناحية والآخر ناحية أخرى منها .. ففي جواز ذلك أو المنع منه خلاف على قولين:
القول الأول: جواز قسمة الوقف مهايأة.
(1)
تبيين الحقائق، الزيلعي، 5/ 275.
(2)
شرح حدود ابن عرفة، 2/ 495.
(3)
انظر: بدائع الصنائع، الكاساني، 7/ 31، ومنح الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي، دار الفكر، بيروت، د. ط، 1409 هـ/ 1989 م، 7/ 249، وأسنى المطالب، زكريا الأنصاري، 4/ 337، ومغني المحتاج، الشربيني، 4/ 538، والفروع 6/ 441، وكشاف القناع، البهوتي، 6/ 373.
وبه قال الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
، وهو ظاهر مذهب المالكية
(4)
، وهو قول الإمامية
(5)
.
الأدلة
(6)
:
1 -
أن الحق للموقوف عليهم فيجوز ما يتراضون عليه من المهايأة الزمانية أو المكانية.
2 -
أن في تهايؤ الموقوف عليهم نفعًا لهم، وحفظًا للوقف وعمارة له؛ لما في الإشاعة من التعطيل والتضييع.
3 -
أن المنافع كالأعيان، فجاز لمالكيها قسمتها؛ كالأعيان.
القول الثاني: منع قسمة الوقف بين الموقوف عليهم قسمة مهايأة، وهو قول في مذهب المالكية
(7)
، ويمكن أن يستدل لهم بأن صحة المهايأة يؤدي إلى الغرر والجهالة، وهما مؤثرتان في العقود عمومًا.
2 -
وأما التهايؤ على غلة الوقف: كأن يتهايأ اثنان في الحيوان اللبون؛ ليحلب هذا يومًا وهذا يومًا، أو في الشجرة المثمرة، لهذا عامًا ولهذا عامًا، ففيه قولان:
القول الأول: لا يصح في قول جمهور العلماء؛ لما فيه من التفاوت الظاهر في المعادلة
(8)
.
(1)
انظر: الإسعاف، الطرابلسي، 25، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 353.
(2)
انظر: المهذب، الشيرازي، 2/ 394، وروضة الطالبين، النووي، 11/ 217.
(3)
انظر: الإنصاف، المرداوي، 19/ 61، 63، 64، وكشاف القناع، البهوتي، 6/ 373.
(4)
انظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب العيني المالكي، دار الفكر، بيروت. ط.3، 1992 م، 5/ 336.
(5)
انظر: جامع المقاصد، الكركي، 9/ 114.
(6)
انظر: المهذب، الشيرازي، 2/ 394، والمغني، ابن قدامة، 14/ 119، وكشاف القناع، البهوتي، 6/ 373.
(7)
انظر: مواهب الجليل، الحطاب، 5/ 336، وحاشية الدسوقي، 3/ 449.
(8)
انظر: المبسوط، السرخسي، 2/ 172، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/ 335، ومغني المحتاج، الشربيني، 4/ 538، وكشاف القناع، البهوتي، 6/ 374.