الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأس مالها"
(1)
وبالمعنى الثاني قالوا: "السهم هو نصيب المساهم في شركة من شركات الأموال"
(2)
.
وعليه؛ فالسهم يُطلق باعتبارين؛ الأول: نصيب معين للمساهم في رأس مال الشركة، الثاني: الصك الذي يُثبت هذا الحق
(3)
.
وشراء الناس للأسهم يكون لهدفين؛ أحدهما: بهدف التملك في أصول الشركة، والثاني: المتاجرة في الأسهم.
ثانيًا: حكم وقف الأسهم:
ومن هنا فالحكم على مسألة وقف الأسهم يتوقف على معرفة مقصد الواقف، فهو لا يخلو إما:
1 -
أن يوقف أسهمه المملوكة له في الشركة.
2 -
أو يوقف أسهمه التي يتاجر فيها بيعًا وشراءً طلبًا للريح؛ إذ يشتري عند انخفاض الأسعار، ويتربَّص بها ارتفاع قيمتها ليبيع.
فكأن الأول وقف عين السهم، والآخر وقف قيمة السهم.
وتتمثل الفروق بين هذين النوعين من الأسهم في الآتي:
1.
أن غرض الأول التملك في أصل الشركة، وغرض الثاني تداول أسهمها.
2.
أن ربح الأول مما توزعه الشركة من أرباح على المساهمين، وربح الثاني من فوارق الأسعار بين سعري الشراء والبيع.
3.
أن الزكاة على الأول في الربح، وليس في أصل السهم، بينما الزكاة على الثاني في قيمة سهمة السوقية يوم الزكاة.
(1)
المعاملات المالية المعاصرة، الزحيلي، 362.
(2)
الشركات التجارية، علي حسن، 539.
(3)
انظر: المعاملات المالية المعاصرة، شبير، 163.
4.
أن أسهم الأول جزء من أصول الشركة حقيقة، وأسهم الثاني عروض تجارة
(1)
.
وتأسيسًا على ما سبق؛ فهل يخرج حكم وقف الأسهم على وقف النقود أو وقف المشاع؟
أ) الحالة الأولى: إذا كان غرضه من الشراء التملك والمشاركة في أصول الشركة والاستفادة من أرباحها ووقفها على هذا الأساس؛ فتخريجها على وقف المشاع أقرب
(2)
.
وتخريجًا على ما سبق من خلاف العلماء في وقف المشاع، يكون الخلاف في وقف أسهم التملك على قولين:
القول الأول: جواز وقفها، وهو قول جماهير أهل العلم، الذين يرون جواز وقف المشاع مطلقًا، والذين يرون جواز الوقف فيما لا يقبل القسمة؛ ذلك أن الأسهم لا تقبل القسمة بطبيعتها، بقوة التشريعات المنظمة لعمل شركات الأسهم، فليس لمالك الأسهم طلب قسمة الشركة، وإنما له الإبقاء على أسهمه أو بيعها.
ويذهب الإمامية إلى أن المهم في الشركة التي تبيعه الشركة للأفراد إذا كان بمعنى أن صاحب السهم؛ يعتبر شريكًا مع بقية ملّاك الأسهم، وحينئذٍ ستكون الشركة ملكًا للأفراد وفق حصصهم؛ سواء كانت للشركة شخصية معنوية أكبر قيمة من الأموال الحقيقية التي جُعلت من قبل الشركاء في الشركة أم لا؛ فيجوز وقفه؛ وذلك لأن وقف السهم من قبل صاحبه يكون عبارة عن وقف الحصة المشاعة المملوكة
(1)
انظر كلام الفقهاء في وقف العين أو وقف المنفعة: بدائع الصنائع، الكاساني، 8/ 398، عقد الجواهر الثمينة، ابن شاس، 31/ 3، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، ابن الملقن، 6/ 235، المغني، ابن قدامة، 184 - 234/ 8.
(2)
وقد سبق بيان خلاف أهل العلم في وقف المشاع، وأن لهم في ذلك ثلاثة أقوال: القول الأول: جواز وقف المشاع مطلقًا، وهو مذهب الجمهور، القول الثاني: جوازه فيما لا يقبل القسمة، ومنعه فيما يقبلها إلا بعد القسم، وهو قول محمد بن الحسن ومن تبعه من الحنفية، القول الثالث: جوازه فيما يقبل القسمة، ومنعه فيما لا يقبلها، وهو قول في مذهب المالكية، اختاره منهم أبو الحسن اللخمي.
لصاحب السهم، أو وقف ماليّة سهمه المعيّن في الشركة على نحو الإشاعة، بشرط أن تتعامل الشركة بالحلال؛ حيث إن الوقف أكثره قرية إلى الله تعالى فيجب أن يكون ريحه حلالًا.
والإمامية أجازوا وقف المشاع، كما أجاز بعض فقهاء الإمامية وقف المالية للعين
(1)
، فذكر صاحب الشرائع:"ويصح وقف المشاع وقبضه كقبضه في البيع"
(2)
، وقال صاحب الجواهر: "بلا خلاف أجده فيه عندنا، بل الإجماع بقسميه عليه، بل نصوص التصدّق به مستفيضة أو متواترة، فيدخل فيه الوقف، أو يراد منه، بل في الغنية أنه مورد قوله لعمر بن الخطاب:(حبّس الأصل وسبّل الثمرة) في سهمه من خيبر، وهو سهم مشاع؛ لأنه لم يقسّم خيبر، بل عدّلَ السهام
…
ولأن قبضه (قبض المشاع) كقبضة قبض المشاع في البيع، كما هو واضح"
(3)
.
وإذا كان السهم الذي يراد وقفه بمعنى أن يكون صاحب السهم دائنًا للشركة، والشركة لا ربط لها بصاحب السهم الدائن، بل الشركة لها شخصية حقوقية أو حقيقية مقابل أصحاب السهام، فالشركة تملك وتبيع وتشتري وتقرض وتهب وما إلى ذلك، فهي خارجة عن ملك أصحاب السهام لذمتها، ولم يعترف مشهورهم بالشخصية الحقوقية (المعنوية) للشركة رغم معقولية الشخصية الحقوقية إلا أنّ إشكالهم يكمن في عدم الدليل على إمضاء الشارع هذا الشيء المعقول، فإن العرف العقلائي المعترف اليوم بهذه الشخصية الحقوقية وتصوّر أحكام لها من ملك وذمّة لم يوجد تخريج فقهي صحيح على إمضائها من قبل الشارع عند أكثر علماء الإمامية، رغم وجود ما يشبه ذلك في فقهنا الإسلامي كملكية منصب الدولة، أو ملكية بيت مال المسلمين، أو ملكية بيت مال الزكاة وملكية الكعبة، وأمثال هذه الأمور، وهناك من اعترف بالشخصية الحقوقية (المعنوية، الاعتبارية) إلّا أنهم لم يمثلوا المشهور والأغلبية.
(1)
انظر: مفتاح الكرامة، العاملي، 18/ 128.
(2)
شرائع الإسلام، الحلي، 2/ 442.
(3)
جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، 28/ 19.