الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: الإيجاب بالكتابة:
الكتابة: جمع الحروف المنظومة وتأليفها بالقلم ونحوه، والكتابة اسم للكتاب، والكتاب يعبر به عن الإثبات والتقدير والإيجاب وغيرها
(1)
، والكتابة إما أن تصدر من غير القادر على النطق، وإما أن تصدر من القادر على النطق.
وفيما يأتي بيان أحكام هاتين الحالتين:
الحال الأولى: صدور الكتابة من الواقف غير القادر على النطق مثل الأخرس:
اتفق الفقهاء على إقامة كتابته مقام النطق، وعلى هذا الأساس وضعت القاعدة الفقهية: الكتاب كالخطاب
(2)
.
وقال ابن القيم: "من عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وجب اتباع مراده، والألفاظ لا تقصد لذاتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم، فإذا ظهر مراده ووضح بأي طريق كان؛ عُمل بمقتضاه، سواء كانت بإشارة أو كتابة، أو إيماء أو دلالة، أو قرينة حالية، أو عادة له مطَّردة لا يُخلُّ بها"
(3)
.
(1)
انظر: الكليات، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي الحنفي، 4/ 117 - 118، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، مادة (كتب)، 2/ 524.
(2)
انظر: المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، 5/ 16، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 6/ 218، وفتح القدير شرح الهداية، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، 6/ 254، البناية شرح الهداية، أبو محمد بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابي الحنفي العيني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1420 هـ/ 2000 م، 8/ 9، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده يعرف بداماد أفندي، 1/ 320، والاختيار التعليل المختار، مجد الدين أبو الفضل عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي الحنفي، مطبعة الحلبي، القاهرة، 1356 هـ/ 1937 م، 2/ 93، ومجلة الأحكام العدلية، لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخلافة العثمانية، المادة (69)، 24.
(3)
إعلام الموقعين عن رب العالمين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، دار الجيل، بيروت، 1973 م، 1/ 218.
ويُشترط في اعتبار الكتابة أن تكون مستبينة؛ بأن تبقى صورتها بعد الانتهاء منها، أما إذا كانت غير مستبينة فلا تعتبر؛ كالكتابة على الماء، أو الكتابة في الهواء
(1)
.
قال الأتاسي: "وأما شروط الكتابة المعمول بها؛ ففي الزيلعي: الكتاب على ثلاث مراتب:
- مستبين مرسوم، وهو أن يكون معنونًا؛ أي مصدرًا بالعنوان، وهو أن يكتب في صدره: من فلان إلى فلان، على ما جرت به العادة في تسيير الكتاب، فيكون هذا كالنطق، فيلزم حجة.
- ومستبين غير مرسوم؛ كالكتابة على الجدران وأوراق الأشجار، أو على الأوراق لا على وجه الرسم، فإن هذا يكون لغوًا؛ لأنه لا عرف في إظهار الأمر بهذا الطريق، فلا يكون حجة إلا بانضمام شيء آخر إليه؛ كالنية والإشهاد عليه والإملاء على الغير حتى يكتبه؛ لأن الكتابة قد تكون للتجربة، وقد تكون للتحقيق، وبهذه الأشياء تتعين الجهة، وقيل: الإملاء من غير إشهاد لا يكون حجة، والأول أظهر.
- وغير مستبين؛ كالكتابة على الهواء أو الماء، وهو بمنزلة كلام غير مسموع، ولا يثبت به شيء من الأحكام وإن نوى"
(2)
.
(1)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، 4/ 4، وشرح مختصر خليل للخرشي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكي، 7/ 92، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 85، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، 2/ 381، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، 4/ 298، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، 3/ 462، واللمعة الدمشقية، السعيد محمد بن جمال الدين مكي العاملي، 3/ 222، والإيضاح، عامر بن علي الشماخي، 5/ 201.
(2)
انظر عبارة الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، 6/ 216.