الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أصحاب أبي حنفية
(1)
، وبه يقول بعض الإباضية، فقد جاء في شرح النيل:"ولا يلزم إلّا إن حكم به عدل، أو قال: إذا مت فقد وقفته"
(2)
.
واستدلوا بنوعين من الأدلة:
أ. أدلة تدل على عدم لزوم الوقف من حيث الأصل.
ب. وأخرى تدل على لزومه في الحالتين.
أ) أدلة تدل على عدم لزوم الوقف من حيث الأصل فمنها:
1 -
حديث الزهري وفيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ نَحْوِ هَذَا لَرَدَدْتُهَا"
(3)
.
وجه الدلالة أن نفس الوقف ليس هو المانع لعمر من الرجوع فيما وقف، وإنما الذي منعه كونه ذكره لرسول الله، فكره أن يفارقه على أمر ثم يخالفه إلى غيره
(4)
.
(1)
انظر: المبسوط، شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، 12/ 25 - 26، وشرح معاني الآثار، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي، 4/ 95، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، 6/ 218، وفتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، 6/ 203، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، 3/ 325، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، 5/ 209، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 338، والاختيار لتعليل المختار، مجد الدين أبو الفضل عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي الحنفي، 3/ 241، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابي الحنفى بدر الدين العيني، 14/ 24، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده، 1/ 731.
(2)
شرح كتاب النيل وشفاء العليل، الإمام العلامة محمد بن يوسف أطفيش، 24/ 87.
(3)
شرح معاني الآثار، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي، 4/ 96.
(4)
انظر: المرجع السابق 4/ 96، وفتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، 5/ 402.
2 -
حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن حائطي هذا صدقةٌ، وهو إلى الله ورسوله، فجاء أبواه فقالا: يا رسول الله، كان قِوَامُ عَيْشِنَا؛ فردَّهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ماتا فَورثَهُمَا ابْنُهُمَا"
(1)
.
وجه الدلالة أنّه لو كان الوقف يلزم بمجرده لما نقضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وردَّه إلى أبويه، فدل على أنه لا يلزم
(2)
.
3 -
ما ورد عن عطاء بن السائب أنه قال: "سألت شريحًا عن رجل جعل داره حبسًا على الآخر فالآخر من ولده؛ فقال: إنما أقضي ولست أفتي، قال: فناشدته؛ فقال: لا حبس عن فرائض الله"، فهذا شريح وهو قاضي الخلفاء الراشدين يرى ذلك، ولا ينكر عليه منكر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من تابعيهم؛ مما يدل على عدم لزوم الوقف بمجرده
(3)
، وورد عن شريح أنه قال:"جاءَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِمَنْعِ الْحَبْسِ"
(4)
؛ ففيه دليل على أن لزوم الوقف كان في شريعة من قبلنا، وأن شريعتنا ناسخة ذلك.
(1)
سنن البيهقي الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، كتاب الوقف، باب من قال لا حبس عن فرائض الله عز وجل، 6/ 163، وسنن الدارقطني، علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي، باب وقف المساجد والسقايات، 4/ 201، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، 8/ 152 - 153، وقد أعلَّه ابن حزم بالانقطاع، وهو حديث ضعيف؛ لأنه مرسل، نصب الراية الأحاديث الهداية، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي، 1/ 260.
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة المقدسي، 6/ 4، والحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الشهير بالماوردي، 7/ 512، والاختيار لتعليل المختار، مجد الدين أبو الفضل عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي الحنفي، 3/ 41.
(3)
شرح معاني الآثار، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1399 هـ، 4/ 99، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، 6/ 219، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، 3/ 325.
(4)
سنن البيهقي الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، 6/ 163،، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، 8/ 151.
4 -
ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما أنزلت الفرائض في سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا حَبْسَ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ"
(1)
، وفي لفظ أنه قال صلى الله عليه وسلم:"لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللهِ عز وجل"
(2)
؛ مما يدل على عدم لزوم الوقف، وأنه بمنزلة الصدقات التي يرجع فيها صاحبها متى ما أراد؛ لذا أخبر ابن عباس رضي الله عنه أن الأحباس منهي عنها، غير جائزة، وأنها كانت قبل نزول الفرائض، بخلاف ما صارت عليه بعد نزول الفرائض
(3)
.
وأما النظر، فقالوا: إن الوقف إخراج للمال من الملك على وجه القربة، فلم يكن لازمًا بمجرد القول؛ كسائر الصدقات
(4)
.
(1)
سنن الدارقطني، علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني، 4/ 68،، والمعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني، 4/ 68، وسنن البيهقي الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، 6/ 162، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، 8/ 152، وذكر أنه حديث موضوع ولا يصح.
(2)
سنن الدارقطني، علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي، 4/ 68، وقال الدارقطني بعدما أورد الحديث: لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَخِيهِ وَهُمَا ضَعيِفَانِ، وسنن البيهقي الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، 6/ 162، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، 8/ 151، وذكر قولا يذكر أن هذا حديث منقطع.
(3)
انظر: شرح معاني الآثار، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي، 4/ 97، والمبسوط، شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، 12/ 29.
(4)
انظر: المغني، ابن قدامة المقدسي، 6/ 3، والحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الشهير بالماوردي، 7/ 512.