الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وما روى الطحاوي عن الزهري: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لرددتها
(1)
، قال الشوكاني: وهو يشعر أن الْوَقْف لا يمتنع الرجوع عنه، وأن الذي منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الرجوع كونه ذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فكره أن يفارقه على أمر، ثم يخالفه إلى غيره
(2)
.
4 -
ولأن الْوَقْف تمليك منفعة دون العين (الرقبة)، فلا يلزم؛ كالعارية.
5 -
ولأن الْوَقْف لا ينفذ إلا بعد القبض، وإلا فللواقف الرجوع؛ لأنَّهُ صدقة ومن شِرطها القبض.
مسألة: صدور حكم حاكم في الْوَقْف وتوثيقه:
من الموضوعات المهمة التي تتعلق بلزوم الْوَقْف، وتحتاج إلى شيء من التفصيل: صدور حكم حاكم في الْوَقْف، وتوثيقه لدى جهة رسمية، وفيما يأتي بيان لهذين الموضوعين:
أولًا: صدور حكم حاكم (قاضٍ):
إذا صدرت الصيغة عن الواقف فهل ينشأ الْوَقْف ويلزم بمجرد صدورها، أم تحتاج إلى حكم حاكم؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: ذهب المالكية، والشافعية والحنابلة، والزيدية
(3)
، والإمامية
(4)
إلى أن الْوَقْف لا يحتاج إلى حكم حاكم
(5)
.
(1)
شرح معاني الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الطحاوي، 4/ 99.
(2)
انظر: نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، 1187.
(3)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، 5/ 148، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، 3/ 458.
(4)
انظر: الجامع للشرائع، يحيى بن سعيد الحلي، 369.
(5)
انظر: التلقين في الفقة المالكي، أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي، 216، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 75، والحاوي في فقه الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي =
فقال القرافي المالكي: وحكمه لزوم من غير حكم حاكم
(1)
، وقال العكبري الحنبلي: يصح الْوَقْف من غير حكم حاكم؛ خلافًا لأبي حنيفة في قوله: لا يصح إلا أن يحكم الحاكم بصحته، أو أن يخرج مخرج الوصية"
(2)
.
ويستدل لذلك بأن الْوَقْف تصرف في عين، يجوز أن يصح بعد الوفاة بغير حكم حاكم، فجاز أن يصح حال الحياة بغير حكم حاكم، دليله العتق
(3)
.
القول الثاني: ذهب الحنفية والإباضية إلى أن الْوَقْف لا يصح ولا يلزم إلا بحكم حاكم إذا كان الْوَقْف في حالٌ الحياة، أما إذا كان الْوَقْف بعد الممات فلا يُشترط له حكم حاكم
(4)
.
فعند الحنفية: الْوَقْف عند أبي حنيفة لا يجوز
…
لأنَّهُ إذا ظهر أنه لم يثبت به قبل الحكم حكم لم يكن، وإذا لم يكن له أثر زائد على ما كان قبله كان كالمعدوم
(5)
، وجاء
= الشهير بالماوردي، 7/ 511، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، 2/ 376، والمغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، 8/ 186، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 3/ 7.
(1)
انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، 6/ 322، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 75.
(2)
رؤوس المسائل الخلافية، أبو المواهب الحسين بن محمد العكبري، 3/ 1036 - 1037.
(3)
انظر: رؤوس المسائل الخلافية، أبو المواهب الحسين بن محمد العكبري، 3/ 1036 - 1037.
(4)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، 5/ 209، والإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، 3، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده يعرف بداماد أفندي، 1/ 731، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، 4/ 343، ومنهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن سعيد بن علي بن مسعود الرستاقي، 13/ 257.
(5)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، 3/ 326، والهداية شرح بداية المبتدي، أبو الحسن برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني، 3/ 15، وفتح القدير شرح الهداية، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، 5/ 39، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، 4/ 328، والفتاوي الهندية، مجموعة من علماء الهند، 2/ 351.