الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المرداوي: "وقفت وحبست صريح في الوقف بلا نزاع، وهما مترادفان على معنى الاشتراك في الرقبة عن التصرفات المزيلة للملك"
(1)
.
القول الثاني: ذهب المالكية في رواية، والاصطخري من الشافعية في رواية منقولة عنه
(2)
، وبعض فقهاء الإمامية إلى أن لفظ التحبيس يعتبر من ألفاظ الكناية في الوقف، فلا يتحقق به الوقف دون أن ينضم إليه أمر آخر من قرينة أو نية
(3)
.
قال الحلي الجعفري: "ولفظه الصريح: وقفت، وما عداه يفتقر إلى القرينة الدالة على التأبيد"
(4)
.
واستدلوا لذلك بأن: لفظ التحبيس من الألفاظ المشتركة التي تطلق على الوقف وغيره، فاحتاج تخصيصه بالوقف إلى قرينة أو نية؛ فأصل الحبس في اللغة: المنع، فقد يحبس الرجل عن حاجته، فهو محبوس، وقد حبس الفرس في سبيل الله فهو حبيس (وقف)
(5)
.
اللفظ الثاني: لفظ "التسبيل
":
إذا قال شخص: سبَّلت داري هذه على المجاهدين في البلدة الفلانية؛ فهل يعتبر لفظ التسبيل صريحًا في الدلالة على الوقف أو كناية؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
(1)
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 5.
(2)
قال النووي بعد ما ذكر ألفاظ الوقف ومنها التحبيس: "وفي وجه: الوقف صريح والباقي كناية"، روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، 5/ 322.
(3)
عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، 3/ 965، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني، 6/ 28، ونهاية المطلب في دراية المذهب، أبو المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الملقب بإمام الحرمين، 8/ 342، والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني، 22/ 126.
(4)
المختصر النافع في فقه الإمامية، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي، 180.
(5)
انظر: الكليات، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي الحنفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1412 هـ./1992 م، 409.
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والزيدية، والإباضية والشافعية في الصحيح، والحنابلة في الصحيح من المذهب، وبعض فقهاء الإمامية إلى أن لفظ "التسبيل": يعتبر صريحًا في الوقف، فيقع به الوقف من غير انضمام شيء زائد إليه
(1)
.
واستدلوا لذلك بما يأتي:
1 -
ما رُوي في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "احبس أصلها، وسبّل ثمرها"
(2)
.
فقد استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم لفظ "التسبيل" في الوقف، والمعنى: اجعلها وقفًا، وأبح ثمرتها لمن وقفتها عليه، فهذا اللفظ صريح في الوقف لاستعمال الرسول صلى الله عليه وسلم له فيه.
(1)
انظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري، أبو بكر بن علي بن محمد الحداد اليمني، 1/ 335، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، 4/ 340، وعقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، 3/ 965، وبلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، 4/ 103، ونهاية المطلب في دراية المذهب، أبو المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الملقب بإمام الحرمين، 8/ 342، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، 5/ 322، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، 2/ 382، والهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، محفوظ بن أحمد بن الحسن، أبو الخطاب الكلوذاني، 336، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 5، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، 4/ 241، وتتمة الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير، العباس بن أحمد الصنعاني، 4/ 124، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، 5/ 150، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 3/ 463، والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني، 22/ 126، وشرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، 12/ 453.
(2)
المجتبى من السنن المعروف بسنن النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 2، 1406 هـ/ 1986 م رقم (3603) 6/ 232.
2 -
ولأن لفظ التسبيل ثبت له عرف الاستعمال في الوقف بين الناس، وانضم إلى ذلك عرف الشرع، فيعتبر صريحًا في الوقف
(1)
.
القول الثاني: ذهب الشافعية في القول المقابل للصحيح، وهو قول الاطخري منهم، والحارثي من الحنابلة، وبعض فقهاء الإمامية والزيدية في نقل الريمي
(2)
.. إلى أن لفظ التسبيل يعتبر من ألفاظ الكناية في الوقف، لا الألفاظ الصريحة، فلا يكون في معنى الوقف إلا إذا انضم إليه أمر آخر من قرينة أو نية
(3)
؛ فالأصل في السبيل: الطريق، والحجة، والصراط المستقيم.
واستدلوا لذلك بما يأتي:
1 -
ما رُوي في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "احبس أصلها، وسبّل ثمرها"
(4)
.
قالوا: قد غاير بين معنى التحبيس والتسبيل، فامتنع كون أحدهما صريحًا في الآخر، وقد علم كون الوقف هو الإمساك في الرقبة عن أسباب التمليكات، والتسبيل إطلاق التمليك؛ فكيف يكون صريحا في الوقف؟
(5)
(1)
انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، 5/ 602.
(2)
انظر: المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة، محمد بن عبد الله بن أبي بكر الصردفي الريمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1419 هـ. / 1999 م، 2/ 116.
(3)
عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، 3/ 965، ونهاية المطلب في دراية المذهب، أبو المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الملقب بإمام الحرمين، 8/ 342، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، 2/ 382، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 5، والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني، 22/ 126، والمختصر النافع في فقه الإمامية، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلى، 180.
(4)
المجتبى من السنن المعروف بسنن النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 2، 1406 هـ/ 1986 م رقم (3603) 6/ 232.
(5)
انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 7/ 5.