الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس اشتراط تعيين الموقوف
المقصود بالتعيين هنا تشخيص الموقوف بتعيينه تعيينًا يرفع النزاع والخصام، ولا يترك مجالًا للإبهام، فالموقوف هنا ضمن أملاك معلومة محددة غير مجهولة.
أولًا: وقف العقار المعين من غير تحديد:
إذا وقف شخص عقارًا معينًا ولم يبين حدوده؛ فوقفه صحيح، باتفاق فقهاء المذاهب الحنفية، والمالكية، والشافعية والحنابلة
(1)
، وهو قول للإباضية
(2)
إذا كان الموقوف مشهورًا متميزًا بحيث يؤمن أن يلتبس بغيره.
ويدل لهذا ما يأتي:
1 -
ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب ماله إليه بيرحاء، مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
(3)
؛ قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله، إن الله يقول:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها حيث أمرك الله، فقال:"بخ، ذلك مال رابح"
(4)
.
وجه الدلالة: أن أبا طلحة رضي الله عنه لم يبين حدود أرضية التي تصدق بها لشهرتها، وأقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم صدقته، وقبلها منه، وقد ترجم البخاري على هذا الحديث:"باب إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة"
(5)
، قال ابن حجر:"كذا أطلق الجواز، وهو محمول على ما إذا كان الموقوف أو المتصدق به مشهورًا متميزًا بحيث يؤمّن أن يلتبس بغيره، وإلا فلا بدَّ من التحديد اتفاقًا"
(6)
.
(1)
انظر: أحكام الأوقاف، الخصاف ص 237، والبحر الرائق، ابن نجيم، 5/ 217، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 361، والإنصاف، المرداوي، 16/ 375.
(2)
انظر: جوابات السالمي، السالمي، 3/ 422.
(3)
سورة آل عمران، آية 92.
(4)
صحيح البخاري، 1461 و 2769، وصحيح مسلم، 998.
(5)
صحيح البخاري، 4/ 11.
(6)
فتح الباري، ابن حجر، 5/ 465.