الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأكلت السودان القِردة فأفادتها الرقص.
وأكلت الفرنج الخنزير فأفادتها عدم الغيرة.
وأكلت الترك الخيل فأفادتها القساوة.
فإذا تقرر هذا فهذه السباع في غايةِ الظلم وقلَّة الرحمة تأكل الحيوانات من غير اكتراث واهتمام بها، بل تفسد تبيعها وتقطع لحومها، ولا تبالي بما تجده من الألم في تمزيق أعضائها، وتثب على ذلك وثوباً شديداً من غير توقّف لذلك في حاجة ولغير حاجة، وذلك لفَرْط ظلمها، وقلة الرحمة، تأكل الحيوانات من غير اكْتِراث، وذلك متوفّر في سباع الوحش أكثر منه في سباع الطير، فأين الأسد من العُقَاب والصقر، وأين النمر والفَهْد والسبع وغيرها من الحيوانات مِن الحدأ والغربان ونحوها، فلما عظمَت المفسدة والظلم في سِبَاع الوحش حرمت لئلا يتناولها بنو آدم فتصير أخلاقهم كذلك، ولا قَصرت مفسدة سباع الطير عن ذلك فمِن الفقهاء مَنْ نهض عنده ذلك للتحريم دَفْعاً لمفسدة سوءَ الأخلاق.
وإن قلَّت: ومنهم من لم ينهض عنده ذلك للتحريم لخفّة أمره، فاقتصر به على الكراهة.
(سرًّا)
له معان: ضد العلانية.
ومنه (الذين ينْفِقون أموالَهمْ بالليل والنهار سِرًّا وعَلَانية) .
قال: قال أبو هريرة: نزلت في عليٍّ بن أبي طالب، لأنه تصدّق بِدرْهم في الليل وبدرهم بالنهار وبدرهم سراً وبدرهم علانية.
والنكاح، ومنه:(لا تواعِدوهنَّ سِرًّا) ، أي لا تواعدوهنَّ في العدة خيفةَ أن تتزوَّجوهن بعد العدة، وسر كل شيء خياره.
(سِنَة) .
هي ابتداء النوم، لا تفسد، كقول القائل: في عينه
سنَةٌ وليس بنائم.
فالسنَة في الرأس والنوم في القلب.
(سِنِين) :
جمع سَنَة، وهي عبارة عما أخذ الله بني إسرائيل
من القَحْط والجدب لعلهم يرجعون، فلم يزدهم ذلك إلا طغياناً.
(سيروا، وسيحوا) ، بمعنى واحد، وأمر اللهُ قريشاً بالسير في الأرض للاعتبار بمخلوقات الله، والنظرِ فيمَنْ تقدَّم من
الهالكين، وقد كانوا أشد منكم قوةً وأكثر جمعاً، وأخذ بعضُ الصوفية من هذا أنَّ مَنْ سافر للاعتبار في مخلوقاته ورؤية نباتِ الأرض وسَهْلها وجبالها وأنهارها فهو أَفضل من الإقامة، وكيف لا وقد قطع علائقَه بمعرفة عيوب نفسه بغربة ابتعاده، ألا ترى رفق الله بالمسافر، فرخص له القَصْر والجمع، والفِطْر في رمضان، ومزيد مدة مسح الخف، والتنفل راكباً، وترك الجمعة، وعدم قضاء المسافة لمضرات زوجة أخذه بالقرعة، واستجابة دعوته، وصحّ أنه ضيفُ الله ما لم يعصه، إلى غير ذلك من فوائد ذكرها أبو حامد في إحيائه.
فإن قلت: قد قال في الأنعام: (ثم انظروا) ، وعطف في غيرها بالفاء فما الفرق بينهما؟
فالجواب أنه لما كانت (ثم) للتراخي، فأمروا باستقراء الديار وتأمّل
الآثار، وفيها كثرة، فيقع ذلك سَيْرٌ بعد سيرٍ وزَمَان بعد زمان.
وقد قدمنا في حرف الفاء أن معنى (ثم انظروا) إباحة السّير للتجارة
وغيرها، فنبّه بـ (ثم) لتباعد ما بين الواجب والمباح.
وأما تحديد السياحة في الأرض بأربعة أشهر فهو الأجل الذي جعل الله
لأمنِهم.
واختلف في وقتها، فقيل هي شوّال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
لأن السورةَ نزلت حينئذ، وذلك عام تسْعَة.
وقيل: هي عيد الأضحى إلى تمام العشر من ربيع الآخر، لأنهم إنما علموا بذلك حينئذ، وذلكَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث تلك السنة أبا بكر الصديق فحجَّ بالناس، ثم بعث بعده عليٌّ بن أبي طالب فقرأ بعده سورة براءة يوم عرفة.
وقيل يوم النحر.
(سيءَ بهم) :
أي أصابه سوء وضَجَر لما ظن أنهم من بني آدم وخاف عليهم من قومه.
(سِجِّيل) :
بالفارسية أوله حجارة وآخره طين، قاله مجاهد، يعني أنها كانت مثل الآجر المطبوخ.
وقيل: هو من سجله إذا أرسله.
(سقَاية) :
قد قدمنا أنه الصاع الذي كان يشرب به يوسف.
وأما قوله تعالى: (أجعلتم سِقَايةَ الحاجِ وعِمَارة المسجد الحرام)
فسببها أنَّ قوماً من قريش افتخروا بسقاية الحاج وبعمارة المسجد الحرام.
فَبيَّن الله أن الجهاد أفضلُ من ذلك.
ونزلت الآية في عليٍّ والعباس بن عبد المطلب، وطلحة بن شيبة - افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت، وعندي مَفَاتحه.
وقال العباس: أنا صاحبُ السقاية.
وقال علي: لقد أسْلمتُ قبل الناس وهاجرْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(سجلّ)، بلغة الحبشة: الرجل عند ابن عباس.
وعند ابن جني الكتاب، قال قوم: هو فارسي معرب.
وأخرج ابنُ أبي حاتم، عن أبي جعفر الباقر، قال: السجل ملك، وكان هاروت وماروتُ من أعوانه.
وأخرج عن ابن عمر، قال السجل ملك.
وأخرج عن السدِّى، قال: ملك موكّل بالصحف.
ومعنى: (يوم تطْوِي السماء كطيِّ السجلِّ للكتب) أن اللهَ يْطوِي السماءَ كما يُطْوَى السجلُّ ليكتب فيه، أو لتصانَ الكتب التي فيه.
وقد ضعَّف بعضهم كونه ملك، ولا أدري ما وَجْه تَضعيفه.
وفيه ضعف.
(سَنَا) :
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: (سَنَا) بالنبطية الحَسَن.
وقيل بالحبشية.
وفي الحديث سَنَهْ سَنَهْ، أي حسنة بالحبشية.
(سُخْريًّا) ، بضم السين من السخرة بمعنى التحول، وبالكسر من السخر بمعنى الاستهزاء، وقد يقال هزءاً بالضم، وقرئ هنا بالوجهين لاحتمال المعنيين، على أن معنى الاستهزاء هنا أليق، لقوله:(وكنتم منهم تضحكون) ، وفي الزخرف استخدام بعضهم بعضاً أَليق، لقوله:(ورحمة رَبِّكَ خير مما يجمعون) .
(سِدْرٍ مَخْضود) :
قد قدمنا في حرف الميم أنه النبق الذي قطع شوكه.
(سجِّين) :
اسم علم منقول من صفة على وزن فعّيل للمبالغة.
وقد قيل عظم الله أمره بقوله: (وما أدْرَاك ما سجِّين) ، ثم فسره بقوله بأنه
كتاب مرقوم، أي مسطور بيِّن الكتابة، وهو كتابٌ جامع يكتب فيه أعمالُ
الشياطين والكفار والفجَّار، وهو مشتق من السجن بمعنى الحبس، لأنه سبب
الْحَبْس والتضييق في جهنم، أو لأنه مطروح في مكان والعذاب كالسجن، فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأرض السفلى.
وروي أنه في بئر هنالك.
وحكى كعب عن التوراة أنه في شجرة سوداء هنالك.
وحكى البِكالي بسند صحيح عن رجل كان بمكة انتهت حاله في العبادة إلى مقام عظيم، ويقصده أصحاب الأموال التي تركها التجار بمكة، ويسافرون، فاتفق أنَّ رجلاً ذا مال جليل أراد السفَر من مكة إلى أرض بعيدة فدلَّ على ذلك الرجل في أن يترك عنده وَدِيعة، ففعل، وسافر، وقدم على الرجل لما حضرته الوفاة فأوصى بكل ما كان عنده لأربابه من الودائع، فتوفي، فأخذ الناس ودائِعَهم سوى ذلك الرجل فإنه لم يوجد له ذِكر، فحار دليل الرجل، فدلَّ على رجل كبير القدر أنْ يخبره بقصته، قال: وكل من أخبره عن المتوفي بشيء كان خيراً، قال: فلما انتهيت إلى الثاني وأخبرته قال لي: يا بني، ما عندي ما أدلك عليه إلا أنك تأتي ليلةَ الجمعة لبئر زمزم آخر الليل وتنَادي فيه: يا فلان بن فلان، فإنْ أجابكَ سَلْه عن مالك فإنه يخبرك كيف اتفق فيه، فإن لم يجِبْك فافعل ذلك سبع ليال من ليالي الجمعة، فإن أجابك فحَسَن، وإلا فأخبرني.
ففعلت، ولم يجبني أحد، فأخبرت الرجلَ بذلك، فقال: يا بني، ما أرى
الرجل إلا من أهل النار، فتسافر إلى أرض حضرموت، وتأتي إلى بئر هنالك
يقال له بئر برهُوت، فتنادي فيه باسم الرجل ليلةَ الأربعاء، فإنه يجيبك ضرورةً فاسأله يخبرك.