الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فكرهْتموه) ، ثم التعريف بأن من التقوى تَرْكَ ذلك، ثم التحريض على التوبة
بقوله: (واتقوا الله إنَّ الله توَّابٌ رحيم) .
قال أبو علي الفارسي: كراهة هذا اللحم يدعو إليها الطبع، وكراهة الغيبة
يدعو إليها العقل، وهو أحقّ أن يجاب، لأنه بصير عالم، والطبع أعمى جاهل.
وصَحَّ أنَّ " دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ".
ونواهيها مشهورة جدًّا، فما ظنّكَ بكلمة لا تسلم منها بتوبةٍ للمظلمة حتى تبرأ، فهي أشدّ على النفس من الربا والزنى، وتنقل حسناتك لغيرك، وتعذَّب بذنوبه التي تحملتها بغيبته، وعرّضتك لسخْطِ الله ومَقْته، وكان تعالى فيها خصيمك.
ويقال ليتكَ استحيَيتَ من الله كاستحيائك من مخلوق لا تغتابه بحضرته، فإنا
للَه وإنّا إليه راجعون من خصلةٍ نحن فيها ليلاً ونهارا ولا ازدجار منها، ولا
تَوْبَة، ونتهاون بها، ونعظم الربا، مع أنها أعظم كما تقدم ويظهر لك بالحديث:
" الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل أنْ يطأ الرجل أمَّه ".
وفي حديث آخر: " إن من أربى الربا استطالَة المسلم في عِرْض أخيه بغير حق ".
فانظر بُعْد ما بينهما يلُحْ لك عظيم ما ارتكبناه، إلا أن يعفو الله بإرضاء خصمائنا وإلا هلكنا.
(رَبَّنَا ظلمْنَا أنفسنا وإنْ لم تَغْفِرْ لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين) .
وكان الواجب علينا ألَاّ نخاطب ربَّنا بهذا الخطاب إلَاّ بعد التوبة النصوح.
وحسن الارتجاع، لكنا نرجو من كرم الكريم العفْوَ عن اللئيم بجاهِ نبيه الكريم.
(يَرْتابوا) : يشكّوا.
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا)
.
نزلت في بني أسد من خزيمة، وهي قبيلةٌ كانت تجاورُ المدينة، وكانوا مسلمين ظاهرًا ويحبون المغانم وعَرَضَ الدنيا، فقالوا: يا رسول اللهِ، إنَّا آمنّا بكَ وصدقناك، ولم نحارِبْك كما فعلَتْ هوازنُ وغطفان وغيرهم.
فَردَّ الله عليهم بقوله: (بل الله يَمُنُّ عليكم) : يحتمل أن يكون بمعنى ينعم عليكم، أو بمعنى يذكر إنعامَه.
وهذا أحسنِ، لأنه في مقابلة:(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ) .
(يَلِتْكم) :
ويألتكم بهمزة قبل اللام - قراءتان، بمعنى ينقصكم.
والخطاب لمن أطاع الله ورسوله.
فإن قلت: هذا الخطابُ وقع في بني أسد، فكيف يعطيهم أجُورَ أعمالهم.
وقال: إنهم لم يؤمنوا، ولا تقبل الأعمال إلا من مؤمن؟
والجواب: أن طاعةَ الله ورسوله تجمَعُ صِدْقَ الإيمان وصلاح الأعمال، فالمعنى إن رجعْتم عما أنْتُم عليه من الإيمان بألسنتكم دون قلوبكم، وعملتم أعمالاً صالحة، فإنَّ الله لا ينقصكم منها شيئاً.
(يوم ينَادِ الْمنَاد من مكان قريب) :
المنادي هنا إسرافيل الذي ينفخُ في الصور.
وقيل: إنما وصفه بالقُرْب، لأنه يسمعُ جميعَ الخلق.
وقيل: المكان صخرة بيت المقدس، وإنما وصفها بالقُرْب لقربها من مكة.
وقيل لقُرْبها من السماء، لأنها أقرَب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً، وهذا ضعيف.
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرضُ عنهم سِرَاعاً) :
العامل في هذا الظرف معنى قوله: (حَشْرٌ علينا يَسير) ،وهو بَدَل مما قبله.
(يُسْراً) :
صفة لمصدر محذوف، ومعناه أنَّ السفن تجري في البحر بسهولة.
(يُؤْفَكُ عنه مَنْ أُفكَ) ، أي يصرف.
والضمير في (عنه) يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للقرآن، أو للإسلام.
والمعنى يُصرف عن الإيمان به مَنْ صُرِف، أي مَن سبَقَ في عِلْم الله أنه مصروف.
وقيل: إن الضمير لما (توعدون) ، أو للدين المذكور.
والمعنى يصرف عن الإيمان به من صُرف.
وقيل: إنَّ الضمير للقول المختلف.
والمعنى يصرف عن ذلك القول إلى الإسلام مَنْ قضَى الله بسعادته، وهذا
القولُ حسن، إلا أنَّ عُرْفَ الاستعمال في أفك يؤفك إنما هو في الصَّرْف مِنْ خيرٍ