الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمن ادَّعى محبَّته تعالى وهو غَيْرُ ممتثل لأمْرِه فهو كذاب في دعواه، غير
مدرك ما يتمنّاه.
وهذه دعوى اليهود والنصارى وهم مخالفون في أَمره، فإياك
والتشبّه بهم، فالتشبّهُ بأهل الخير فلاح.
وإذا كان سبحانه يسأل الصادقين عن صِدقهم فكيف بمَنْ لم يعمل، وقد
قالوا: عمَل بلا إخلاص كحقيقةٍ بلا روح، فلا تكثروا العملَ بالبَهْرَج، غدير صاف أنفع من خليج كَدِر.
ما أشبه حجر الْمَهَا بالْجوهر، لكن بين الثمنين بَون بعِيد.
ربح المرائي منتن يَشِين القلوب الصافية.
(فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين) :
هو من الفرقة.
وقيل من الفَصْل، أي افصل بَيْنَنا وبينهم بحكم.
(فإنّها مُحَرَّمة عليهم أربعين سنةً) :
قد قدمنا أنَّ الله حرَّم على بني إسرائيل الأرضَ المقدَّسة أربعين سنة، مدة عبادتهم العِجْل، حتى مات كلّ مَنْ قال:(إنا لنْ نَدْخلَها) ، ولم يدخلها أحَد من ذلك الجيل إلا يوشع وكالب، ومات هارون في التيه، ومات موسى بعده في التِّيه أيضاً.
وقيل إِن موسى وهارون لم يكونا في التّيه، لقوله:(فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين) .
وخرج يوشع ببني إسرائيل بعد الأربعين سنة، وقاتلَ الجبَّارين، وفتح المدينةَ.
والعامل في أربعين محرّمة - على الأصح، فيجب وَصْله معه.
وقيل العامل فيه يتيهون، فعلى هذا يجوز الوقف على قوله:(مُحرَّمة عليهم) .
وهذا ضعيف، لأنه لا حامل على تقديم المعمول هنا، مع أنَّ القولَ الأول أكمل معنى، لأنه بيانٌ لمدة التحريم والتّيه معاً.
(فلا تأْسَ على الْقَوْمِ الفاسِقين) .
أي لا تَحْزَنْ على مَنْ فسق منهم يا محمد، لإنكارهم هذه القصص في كتابك، مع علمهم بها في كتبهم.
وقيل الخطاب لموسى.
(فكأنَّما قَتَلَ الناسَ جَمِيعاً) :
تمتيل قاتِلِ الواحدِ بقاتل الجمع يتصوَّر من ثلاث جهات:
إحداها: القِصاص في قَتْل الواحد والجمع سواء.
والثاني: انتهاك الحرمة، والإقدام على العصيان.
والثالث: الإثْم والعذاب الأخْرَوِي.
قال مجاهد: إنَّ الله وعد قاتل النفس بجهنّم والخلود فيها، والغضب واللعنة.
والعذاب العظيم.
فإن قَتَل جميع الناس لم يزِدْ على ذلك.
وهذا الوجه هو الأظهر، لأنَّ القصد بالآية تعظيم قَتْلِ النفس، والتشديد فيه، ليَزْدَجِر الناس عنه.
وكذلك الثواب في إحيائها كثواب إحياء الجميع، لتعظيم الأمْرِ والترغيب فيه.
وإحْياؤها هنا إنقاذها من الموت، كإنقاذ الغريق وشبهه.
وقيل بترك قَتْلها.
وقيل بالعفو إذا وجب القصاص.
(فمَنْ تاب منْ بَعْد طلْمه) :
توبة السارق هي أن يندم على ما مضى، ويُقْلِعَ فيما يستقبل، ويردّ ما سرق إلى مَنْ يستحقّه.
واختلف إذا تاب قبل أن يصل إلى الحاكم، هل يسقط عنه القَطْع، وهو
مذهب الشافعي لظاهرِ الآية، أو لا يسقط عنه، وهو مذهب مالك، لأن
الحدودَ عنده لا تسقط بالتوبة، إلا المحارب، للنصّ عليه.
(فَتَرى الذِين في قلوبهم مَرَضٌ) :
هم المنافقون، كعبد اللَه ابن أبي بن سَلول وأصحابه.
(فعسى اللَهُ أن يأتِيَ بالفتح أوْ أَمْرٍ مِنْ عنده) :
لا يكون فيه تسبّب لمخلوق.
وقيل أَمْرٌ من الله لرسوله بقَتْل اليهود.
والفَتْح: هو ظهور النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين.
(فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) :
مِنْ قَصْدِهم الاستعانة باليهود على المسلمين، وإضمار العداَوة للمسلمين.
(فسوف يَأتي اللَّهُ بقَوْم يحِبّهم ويحبّونه) : قرأ صلى الله عليه وسلم هذه
الآية، وقال لهم: قوم هذا، يعني أبا موسى الأشعري.
والإشارة بذلك - والله أعلم إلى أهل اليمن، لأن الأشعريين من أهل اليمن.
وقيل المراد أبو بكر الصدِّيق وأصحابه الذين قاتلوا أَهْلَ الردَّة.
ويقَوِّي ذلك ما ظهر من أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه