الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حرف الواو)
(وَيل) :
كلمة شَرٍّ، وقد قدمنا معناه، قال الأصمعي:(ويل) كلمة
قبح، ووَيس استصغار، وويح ترحم.
(واسع) :
جواد لما يسأل.
ويقال الواسع المحيط بعلم كل شيء، كما قال (وَسِعْتَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعلماً) .
ووسع يسع سعة من الاتساع، ضد الضيق، (وموسِع) : غني، أي واسع الحال، وهو ضد المقتر (وإنا لَموسِعُون) .
قيل أغنياء، وقيل: قادرون، و (إلا وسْعَها) : طاقتها.
(وَدّ) يود: له معنيان: من المودة والمحبة، وبمعنى التمني، نحو: (وَد كثيرٌ
من أهل الكتاب) ا.
(وَدُّوا لو تكفرون) .
والودّ بالضم: المحبة.
وقد قدمنا أنه اسم صنم عبِد من دون الله.
(وَسَطا) :
الوسط من كل شيء: خيَارُه، وكيف لا تكون هذه الأمة خياراً وهم يشهدون يوم القيامة للأنبياء بإبْلَاغ الرسالة إلى أممهم.
فإن قلت: لم أَخر المجرور في هذه الآية: (شهَدَاءَ على الناس)، وقدمه في قوله:(عليكم شَهيداً) ؟
فالجواب أن تقديم المعمولات يفيد الْحَصْر، فقدمه لاختصاص شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته، ولم يقدمه في الأمة لأنه لم يقصد الْحَصْر.
فإن قلت: هل الأمة يشهدون كلهم، برّهم وفاجرهم، أوْ لَا يشهد إلا لمن
هو أَهلٌ لذلك؟
والجواب أن لفظ الآية عام، لكن الذي يظهر من لفظ الآية أنه لا يشهد إلا
العدول، فلا يشهد منها إلا خيارها، والحكم هناك كالحكل هنا، وقد قال:
(ممَّنْ تَرْضَوْن من الشهداء) .
وأيضاً قد ذكر في حديث قوم نوح أنهم يقولون: كيف يَشهد علينا من لم يحضرنا، فيقولون: يا ربنا، أنزلْتَ علينا كتاباً فوجدنا فيه قصَّتَهم، ثم يقرأون سورةَ نوح، فهذا لا يكون جواباً إلا ممن له علم بالكتب، وكثير من هذه الأمة لا يعلمون من الكتاب شيئاً، ومن طريق النظر من هذه الأمة إذ ذاك في نوع من أنواع العذاب كيف يستشهدون، وكيف تقبل لهم شهادة، فإذا كان العالِم الذي لا يَخفى عليه شيء لا يَحكُم بعلمه فيما بيننا في ذلكَ اليوم، فكيف بالغير، فيا أخا البطالة والتلويث لنفسك، انتبه، الحاكم قد زَكاك وأنْتَ بما ارتكبت من قبيح الأوصاف تجرح نفسك، وبذلك تفرح، فقد خضْتَ بحارَ المهالك، وعلى عَقِبك من الخير نكصت.
أعلمك بهذه الرتبة الرفيعة لعلك تحافظ عليها فتكون ممن يشهد إذ ذاك.
فأعرضتَ عن الشهادة على غيرك، وتعرضتَ لشهادة جوارِحك عليك! بئس ما استبدلت!
وقد جاء أنَّ أول من يُساقُ للحساب الذي العَرْش على كاهله والعرق يتَحدر
على جَبينه، فيقول الله له: ما صنعت بعهدي، فيقول: يا رب، بلَّغْته جبريل، فيؤتى جبريل، فيقول له الحق جل جلاله: هل بلغكَ إسرافيل عهدي، فيقول: نعم، فيخلّي حينئذ عن إسرافيل، ويسأل جبريل فيقول عز وجل له: ما صنعْتَ في عهدي، فيقول: يا رب، بلغْته الرسل، فيؤتى بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فيقول لهم: هل بلّغَكم جبريل عَهْدي، فيقولون: نعم، فحينئذ يخلي عن جبريل، فأول مَنْ يسأل مِن الرسل نوح عليه السلام، فيكون من قصته ما ورد في الحديث - أنه يُجَاء بنوح عليه السلام، فيقال له: هل بلّغْتَ، فيقول:
نعم يا رب، فتسأل أمّته: هل بلغكم، فيقولون: ما جاءنا من نذير.
فيقال: مَنْ شهودك، فيقول: محمد وأمته.
قال صلى الله عليه وسلم: فيُجَاء بكم فتشهدون، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم:(وكذلك جعلناكم أمَّةً وَسطا) .
فإن قلت: يعارضنا هنا قوله صلى الله عليه وسلم: أوَّل مَنْ يحاسَبُ من يجوز على الصراط؟
والجواب: أنه ليس بينهما تعارض، لأن حساب الأمم على نوعين، وبذلك
يجمع الحديثان، ولا يبقى بينهما تعارض، وهو أن النوع الأول أنْ تسأل الأمم: بلّغهم الرسل أم لا، فهذا الذي يتقدم جميعَ الأمم على هذه الأمة، لأنهم هم الشهود عليهم، فلا بد من حضورهم إلى آخر الأمم.
والنوع الآخر هو سؤال الأمم كلّ شخص منهم منفرداً عن عمله بمقتضى
شريعته، فهذا الذي تكون هذه الأمة أوَّل مَنْ يُحاسب.
وسيِّدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم شاهد، كما قال تعالى:(وجئنا بكَ على هؤلاء شَهيداً) .
تقديره: كيف يكون الحال إذا جئنا بنبيٍّ يشهد على أمته بأعمالهم.
ولما قرأها ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَرفت عيناه بالدموع، وقال: حَسْبُكَ يا ابن مسعود.
(ولا يَأبَ الشهداء إذا ما دعُوا) ، أي لا يمتنعوا إذا دعُوا إلى أداء الشهادة.
وقد ورد تفسيره بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واتفق العلماء على أنَّ أداءَ الشهادة واجبٌ إذا دُعي إليها.
وقيل: إذا دعوا إلى تحصيل الشهادةِ وكَتْبها.
وقيل إلى الأمرين.
(ولا تسأموا) ، أي لا تملّوا من الكتابة إذا ترددت وكثرت، سواء كان الحق صغيراً أو كبيراً، ونصب صغيراً على الحال.
(وأشْهدوا إذا تبايعْتُم) :
هذا أمر يُفهم منه الإشهاد، وأَهل الظاهر أوجبوه خلافًا للجمهور.
وذهب قوم إلى أنه منسوخ بقوله: (فإن أَمِنَ بعضُكم بعْضاً) ، وذهب قوم إلى أنه على الندب.
(ولا يُضَار كاتبٌ ولا شَهيد) :
يحتمل أن يكون كاتب
فاعلاً على تقدير كسر الراء المدغمة من (يضار) .
والمعنى على هذا نَهْي للكاتب والشهيد أن يضرَّا صاحبَ الحق، أو الذي عليه الحق بالزيادة فيه أو النقصان منه والامتناع من الكتابة أو الشهادة.
ويحتمل أن يكون (كاتب) مفعولاً لم يسم فاعله على تقدير فتح الراء
المدغمة، ويقوِّي ذلك قراءة عمر بن الخطاب:"لا يضارَر"، بالتفكيك وفتح الراء.
والمعنى النهي عن الإضرار بالكاتب والشهيد، بإذايتهما بالقول أو بالفعل.
(وإن تفعَلوا) ، أي وقعتم في الإضرار فإنه فسوق حالٌّ بكم.
(والله يؤيِّد بنَصْره مَنْ يشاء) ، يعني أنَ النصر بمشيئة
الله لا بالقِلة ولا بالكثرة، فإن فئة المسلمين غلبت فئة الكافرين مع أنهم كانوا
أكثر منهم.
(ورِضوان من الله أكبر)، أي من نعيم الجنة حسبما ورد في الحديث - أنه يقول لهم:
" تريدون شيئاً أَزيدكم، فيقولون: قد أَعطيتنا بغْيتنا، فيقول: أزيدكم رضواني فلا أَسخط عليكم أبدًا، فلولا الرضوان لم يطب لهم
نعيمها لتخوّفهم من فراقها ".
(وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)
هذا من كلام عيسى عليه السلام.
وروي أنهم كانوا يجمعون إليه الجماعةَ من العميان والبرصاء، فيدعو لهم فيبرأون، ويضرب بعصاه الميت أو القبر فيقوم الميت ويكلّمه.
وروي أنه أحيا سام بن نوحْ، وكان يقول: فلان أكلتَ كذا، وادخرْتَ في
بيتك كذا.
(ومُصَدًقاً) :
عطف على (رسولاً) : أو على موضع (بآية من ربكم) ، لأنه في موضع الحال، وهو أحسن، لأنه من جملة كلام عيسى على تقدير: جئتكم بآيةٍ وجئتكم مصدقاً، ولأحِلَّ لكم عطف على بآية.