الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى شر، ومن شر إلى خير.
وقيل: إن الضمير للقول المختلف، وتكون (عن) سببية.
والمعنى يصْرَف عن ذلك القول مَنْ صرِف عن الإيمان.
(يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) .
يحرقون ويعذّبون.
ومنه قيل للحَرَّة فَتِين، كأنه الشمسَ أحرقَتْ حجارتها.
ويحتمل أن يكون (يوم هم) معرباً، والعامل فيه مضمر، تقديره
يقع ذلك (يَوْمَ هم) على النار يُفْتنون أوأن يكون مبنيا لإضافته إلى متى.
وعلى هذا يجوز أن يكون في موضع نصب بالفعل المضمر حسبما ذكرنا، أو في موضع رفع، والتقدير هم يوم هم على النار يفْتنون.
(يهْجَعُون) :
في معنى هذه الآية قولان: أحدهما - وهو الصحيح: كانوا ينامون قليلاً من الليل، ويقطعون أكْثَرَ الليلِ بالسهر فى الصلاة والتضَرّع والدعاء.
والآخر أنهم كانوا لا ينامون بالليل لا قليلا ولا كثيرا.
ويختلف الإعراب باختلاف المعنيين، فأما على القول الأول ففي الإعراب أربعة أوجه:
الأول أن يكون (قليلاً) خبر كانوا، و (ما يَهْجَعون) فاعل بقليل.
لأن (قليلا) صفة مشبَّهة باسم الفاعل، وتكون (ما) مصدرية، والتقدير
كانوا قليلاً هجوعهم من الليل.
والثاني مثل هذا إلا أنَّ ما موصولة، والتقدير كانوا قليلا الذين يهجعون فيه
من الليل.
والثالث: أن تكون ما زائدة و (قليلاً) ظَرْف، والعامل فيه (يَهْجَعون) ، والتقدير كانوا يهجعون وقتا قليلا من الليل.
والرابع مثل هذا إلا أن (قليلا) صفة لمصدر محذوف، والتقدير كانوا
يهجعون هجوعاً قليلاً.
وأما على القول الثاني ففي الإعراب وجهان:
أحدهما أنْ تكونَ (ما) نافيه، و (قليلاً) ظرف، والعامل فيه (يَهْجَعون) .
والتقدير: كانوا ما يهجعون قليلاً من الليل.
والآخر أن تكونَ (ما) نافية و (قليلاً) خبر كان، والمعنى كانوا قليلاً في الناس، ثم ابتدأ بقوله:(من الليل ما يهجَعون) ، وكلا الوجهين باطل عند أهل العربية، لأن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فظهر ضعْف هذا المعنى ببطلانِ إعرابه.
(يَوْمَهم الذي فيه يصْعَقون) :
يعني يوم القيامة، وذلك لشدة هَوْلِه.
(يلتقيان) :
ضمير التثنية يعود على البَحْرَين المذكورين في قوله: (هذا عَذْبٌ فرَاتٌ) ، (وهذا مِلْحٌ أجَاج) ، أي يلتقي ماء هذا وماء هذا، وإذا نزل المطر في البحر على القول بأن البحر العذب هو المطر، وأما على القول بأنَّ البحر العذب هو الأنهار والعيون، فالتقاؤهما بانصباب الأنهار في البحر، وأما قول القائل بأن البحرين بحر فارس والروم وبحر القلزم واليمن فضعيف.
(يَسألُه مَنْ في السماوات والأرض) .
أى يسألونه حوائجهم، فمنهم من يسأله بلسان المقال، ومنهم من يسأله بلسان الحال، لأنَّ جميعهم مفتقر لفَضْله ونَوَاله وإمداده.
وقد قدمنا أنَّ المراتب السبع من جماد ونام - وحيوان، وناطق وممتحن ومؤمن ومحب، جميعهب متضرعون مقبلين أو مدبرين.
فسبحان من وسع سَمْغه أصواتهم وحركاتهم وسكنَاتهم.
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ) :
يعني بعلامتهم، وهي سواد الوجه وغير ذلك، وقد - قال في آية أخرى:(هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) .
يعني أنَّ الكفارَ يتقلَّبون من الزمهرير إلى الحر، ومنَ الحرّ إلى الزمهرير، رجاء الاستراحة
مما هم فيه، فلا يجدون إلا أشدَّ من منازلهم، فهم في عذابِ جهنم مخلَّدون:(لا يُفَتَرُ عنهم وهم فيه مبْلِسون) .
(يَطْمِثْهُنَّ) :
المعنى أنهن أبكار لم يطمثْهنَّ. . . بخروج الدم.
وقيل: الطمث الجماع، سواء كان لبكر أو غيرها، أو نفي أنْ
يطمثهن إنس أو جانٌّ مبالغة، وقَصْداً للعموم، فكأنه لم يطمثهنَّ شيء.
وقيل: أراد لم يطمث نساءَ الإنس إنس، ولا نساء الجنِّ جِنٌّ.
وهذا على القول بان الجن يدخلون الجنة، ويتلذّذون فيها بما يتلذَّذ البشر.
وقد قدمنا أنهم في رَبض الجنة لا يسكنون مع الإنسان، وأن رؤيةَ الله خاصة بالإنْس على المشهور (1) .
وقد صحَّ أن الله تعالى إذا خلق الجاريةَ من الحور العين خلق عليها
خيمة من الدّرّ ستْرًا لها وغيرة على مَنْ خلقها له ألَّا يراها غيره.
فما لَك يا محمدي لا تغير أنْتَ عليه إنْ كنت تحبّه، ولا أرى لكَ ذلك.
لأنك تقول رضيت بالله ربًّا ولم ترض بقضائِه.
وتقول تحبه، وأنْتَ تحب غيره وتقول وجّهْت وجْهيَ له، وقد وجّهْته لدنيا
وأهلٍ ومالٍ ووَلدٍ.
أما علمْتَ أن حقيقةَ العبودية الإقرار لمعبودها، لا رَاعَى الله من لا يراعي الذمم.
ربّك يعاملك بكل ما تريد ولا تَفْعل له ما يريد، كلّ ذلك لكَ لا له، إذ هو غني عن العالمين.
(ياقوت) :
هو حجر عزيز يضيء أعلاه كالقمر، وهو قليل الوجود، وهو أنواع.
وذكر الجواليقي والثعالبي أنه فارسي، وشبَّهَ الله نساءَ الجنة بالياقوت، وأين الياقوتُ منهن، ولكن خاطب عبادَه بما يفهمونه.
وقد قدمنا أنَّ أحوالَ الدنيا إنما هي أنموذج على ما في الآخرة لا مِثْلها.
(يُصِرُّونَ) .
أى يدومون من غير إقلاع.
قال ابن الجوزي: معناه يضجون بالحبشية.
(يُنَزِّلُ على عَبْده آياتٍ بيِّنَات) :
المراد به سيدنا ونبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم للتشريف والتكريم.
(1) لا يوجد دليل على عدم رؤيتهم لربهم في الجنة، والعول عليه فضل الله وسعته.