الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظر لظهوره قالوا لهم هذا لا لغيرهم.
ومعناه يمنّ على مَنْ يشاء بالإيمان والخروج
عن دين آبائه، فلما سمعوا هذا منهم آذَوْهم فقالوا لهم:
(ولنصبرنَ على ما آذَيْتمونَا) :
وما موصولة بمعنى الذي، أو مصدرية، والعائد محذوف تقديره آذيتموناه أو آذيتمونا به.
(وقال الذين كفروا لرسلهم) .
قد قدمنا في حرف الكاف أن الرسل لم يكونوا في ملّة قومِهم قبل الرسالة.
(وما ذلِكَ على اللهِ بِعَزيز) ، أي بمتعذر ولا صَعْب.
وأَحسن منه بمتعسِّر، لأن قوله:(إنْ يَشَأْ يُذْهبكم) ، أفاد إمكانه، فإنه غير متعذر.
(وبَرَزوا للَهِ جميعا) :
قد قدمنا معنى البروز وحرف الباء، وحينئذ فيقول الضعفاء.
فإن قلت: لِمَ عَبَّر هنا وفي غافر بالاسم، وفي سبأ:(يقول الذين استضعفوا لِلَّذِين استكبروا) ؟
والجواب: أن الاسم يقتضي الثبوتَ، وكلما ثبت الأخص ثبت الأعَم، فإذا
كان مطلق الاستكبار يمنع من إيمان مَنِ اتَّصفَ بأخصّ الضعف فأحْرى أنْ يمنع
من إيمان من اتصف بأعَمِّه.
وأما سورة سبأ فالمراد فيها تبعيّة مَنِ اتّصف بمطلق الضعف لمن اتصف بمطلق الكفر، فإذا كان وجود مطلق الاستكبار لا ينفع لمن اتصف بمطلق الضعف فأَحرى أَلا ينفع لمن اتصف بأخصه ولا ينعكس.
(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ) :
هذا إما على التوزيع، فلكلِّ واحد جنَّة أو لكل واحد جنات، و (خالدين فيها) حال من الذين آمَنوا مقدَّرة، لأن الدخول غَيْر مقارن لزمن الدخول.
فإن قلت: ما فائدة ذِكْر الأنهار في كل موضع يذكر فيه الجنة مع أنَّ الجنة
معلومة بالماء؟
والجواب: أنَّ التمدح بالماء معلوم عند الناس، لأنه أصل كلِّ لشيء.
وحُكي أنَّ بعض ملوك الروم كان يهْدِي لمعاوية ويُهاديه معاوية، فطلب مرة
من معاوية أن يبعثَ له بأصل كل شيء، فاستشار معاوية خواصَّه، فأشار إليه
عبد الله بن عباس بأنْ يبعثَ له قارورة مملوءة بالماء، فلما بعثها له قال له الرومي:
ما أشار عليكَ بهذا الأمر إلا مَنْ فيه عضو من النبوءة.
(واستفتحوا) :
الضمير للرسل، أي استنصروا بالله.
وأصله طلب الفتح، وهو الحكم.
(ويُسْقَى من ماءٍ صَدِيد) :
معطوف على محذوف، تقديره من ورائه جهنم يُلْقَى فيها ويُسْقى، وإنما ذكر السقي تجريدا بعد ذكر جهنم، لأنه من أَشدّ عذابها، ألا ترى كيف علّله بقوله:(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) ، لأن اللهَ قضى عليهم ألَاّ يموتوا، فسبحان من حبس أرواحهم مع هذه الكربات.
(وفَرْعُها في السماء) :
الضمير يعود على الشجرة التي أصْلُها ثابت.
وقرئ: ثابت أصلُها، والقراءة المشهورة أبلَغ، لأن " ثَابث أصْلهَا " صفة
رفعت الفاعل، فهي في معنى الفعل، وأصلها ثابت مبتدأ وخَبر، فليس في معنى الفعل، والإخبارُ بالاسم عندهم أبْلَغُ من الإخبار بالفعل، فلذلك كان زيد أبوه قائم أبلغ من زيد قائم أبوه.
فإن قلت: كيف عَبَّر عن الكلمة الطيبة بالفعل، وعبَّر عن الكلمة الخبيثة
بالاسم فرفع؟
والجواب: المؤمن له حالتان: انتقل مِن الكفر إلى الإيمان، والكافرُ له حالة
واحدة ثبت عليها، ولم ينتقل عنها، فلذلك عَبَّر عن مثله بالاسم.
وقد قدمنا أنَّ أصحاب الشجرة أربعة.
(وأنزل من السماء ماء) : كلّ ما علَاكَ يسمى سماء، وسمي