الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظتين عظيمتين تبيّن بهما حكم السبقية بالإيمان أو الكفر، وهما قضية امرأتي نوح ولوط، وإن انضواءهما إلى هذين النبييْن الكريمين انضواء الزوجية التي لا أقْرب منها، ومع ذلك لم يغْنيا عنهما من الله شيئاً، وقضية امرأة فرعون وقد انضوت إلى الكافر لم يضرّها كفْره، ثم ذكرت مريم عليها السلام للالتقاء في الاختصاص وسبقية السعادة، ولم يَدعُ داعٍ إلى ذِكْر ابنها، فلا وَجْه لذكره هنا.
(الْفَزَع الأكْبَر) :
فيه أقاويل، قيل النفخ في الصور.
(ففَزعَ مَنْ في السماوات) .
وقيل: هو صوتُ القطيعة، وهو قوله لأهل النار:(اخْسَئوا فيها ولا تكَلِّمُون) .
(فإن يصْبِروا فالنار مَثْوًى لهم) .
وقيل يوم ذبح الموت بين الجنة والنار.
وقيل يوم يسمعون: (وامْتَازُوا الْيَوْمَ أيُّها الْمجْرِمون) .
وقيل يوم أمر الله آدم ابعث من ذريتك بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحدٌ إلى الجنة.
وقد سمَّى الله في كتابه ثلاثة أشياء أكبر:
هذا، (ولذِكْر اللهِ أكبر) .
(ورِضْوانٌ من الله أكبَر) .
(فَاعْبُدُون) : خصَّت هذه الآية بالعبادة، لأنه لم يرد في سورتها ذكْر لفَظ التقوى في أمرٍ ولا خبر من أولها إلى آخرها، بل ورد فيها
الأمْر بالعَبادة في قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) .
بخلاف سورة المؤمنين، فإنه تكرر فيها ذكر التقوى في ثلاثة مواضع: في قصة نوح: (أفلا تتقون) .
والتالية لها: (أفلا تَتَقون) .
فروعي في الأولى ما تقدمها، ونُوسب بالثانية ما اكتنفها، وأيضاً فإنَّ العبادة
بها ليحصل لهم الاتّقاء، فهي مقدَّمة في الطلب لتحصل ما يتسبَّب عنها إذا كانت الإجابة.
وعلى ذلك ورد دعاءُ الخلق، قال تعالى:(يا أيها الناسُ اتَّقوا ربَّكم) ، فالاتّصاف بالتقوى ثان عن الاتصاف بالعبادة، فقيل في الأنبياء:(فاعبدون) .
وفي الثالثة: (فاتقُون) ، على مقتضى الترتيب.
(فَتَقطعُوا أَمرَهم بَيْنَهم) .
أي اختلفوا فيه، وهو استعارةٌ من جعل الشيء قطَعاً، والضمير للمخاطبين، والأصل تقطعتم أمْرَكم بينكم، إلا أَن الكلامَ صرِف إلى الغيبة على طريق الالتفات، كأنه يَنْعَى عليهم ما أَسدَوه إلى آخرين، ويقتح عندهم فِعلهم، ويقول هم: ألا تَرَوْن إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله، وإن اختلفوا في الدين مرجعُهم إلينا وحسابهم علينا.
فإن قلت: ما فائدة عطف هذه الآية بالفاء وزيادة (زبُراً) ؟
والجواب أن زيادته تأكيد لافتراقهم، ونصب الحال الواردة بياناً وتأكيداً
لقُبْح تفرقهم، وتشنيع مرتَكَبهم، فناسب ذلك مقصود هذه الآية لما هنا من
التخويف والإنذار، ولم يكن ليناسب آية الأنبياء، لبنائها على غيرها لما
تقدمها من تأنيس نبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، وتعريفه بما منح سبحانه متقدمي الرسل، وما أعقبهم صبرهم على أممهم، ولذلك عطفها بواو العطف، كأنه يقول: نبَّهناهم على السؤال، وأوضحنا لهم أمر مَن تقدمهم، وعاقبة الاستجابة لمن تمسّك بهَدي المذكورين، وهم مع ذلك على عنادهم وافتراقهم، وكأن الكلام وارد مورد التعجب من أمرهم، ولم يَشُبْه شدة الوعيد، ليبقى رجاؤه.
(فَلَك) :
هو القطب الذي تدور عليه النجوم.
(فَجٍّ عمِيق) ، أي طريق بعيد.
(فكلوا منها) ، ندب للأكل من الأضحية، وهو من
خصائص هذه الأمة المحمدية، يأكلون صدقاتهم فيؤْجَرون عليها بخلاف من
تقدم، فسبحان من أنعم عليهم بنعم دنيا وأخرى، جعلنا الله ممن أحبهم.
(فاجتَنِئوا الرجسَ من الأَوثان) :
من لبيان الجنس، كأنه قال الرجس الذي هو الأوثان، والمراد النهي عن عبادتها، أو عن الذبح تقرّباً لها كا كانت العرب تفعل.