الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى تدخل عليك قريش، ويريدون قتلك، فإن قُتِلت كنْتَ رفيقي في الجنة.
فدخلوا عليه فوجدوه عليًّا، وانقلبوا خاسئين، ولم يقدروا على شيء، فقال الله لجبريل وميكائيل: انظرا إلى حبيبي كيف فداه ابنُ عمه، وعِزَّتِي وجلالي لأجعلن اليهودَ والنصارى فداءً لأمة حبيبي، إني أردْتُ رَفْعَ عيسى إليَّ، فجعلت إيذاء اليهود سببا لذلك، كذلك أجعل وسوسةَ اللّعين سبباً لإغوائهم وأرحمهم مع ذلك.
فانظر هذه الرحمة النازلة عليك يا محمديُّ.
ورحم الله القائلَ: لولا المؤمن لضاعت جنَّة النعيم، ولولا الكافر لضاعت نارُ الجحيم، ولولا المعاصي لضاعت رحمةُ الرحيم.
(القنَاطير الْمقَنْطَرة) :
جمع قنطار، وهو ألف ومائتا أوقية.
وقيل ألف ومائتا مثقال، وكلاهما مرويٌّ عنه صلى الله عليه وسلم، وأكدها بالمقنطرة كقولهم: ألف مؤلَّفة.
وقيل المضروبة دنانير أو دراهم.
وقال الفراء: المقنطرة المضعفة، كأن القناطير ثلاثة والمضعفة تسعة.
(قَرْح) :
أي جراح، ومعنى الآية: إن مسكم قَتْل أو جراح في أُحُدٍ فقد مَسَّ الكفارَ مِثلُه في بَدْرِ.
وقيل: قد مَسَّ الكفار يوم أُحُدٍ مِثْلُ ما مسكم فيه، فإنهم نالوا منكم ونِلْتُم منهم، وذلك تسلية للمؤمنين بالتأسي.
(قد خلت مِنْ قَبْلكم سُنَن) :
خطاب للمؤمنين وتأنيس لهم.
وقيل للكفار تخويفاً لهم.
(قالوا كُنَّا مستَضْعفين في الأرض) :
اعتذار عن التوبيخ الذي وبختهم الملائكة، أي لم يقدروا على الهجرة، وكان اعتذاراً بالباطل.
ولذلك قالوا لهم: (ألم تَكُنْ أرْضُ اللهِ واسعة فَتُهَاجِرُوا فيها) ..
) قَوَّافمين للهِ شُهَدَاءَ بالقِسْطِ) :
أي بالعَدْل مجتهدين في إقامته.
فإن قلت: ما فائدة تقديم القسط في آية النساء، وتأخيره في آية المائدة؟
والجواب آيات النساء مبنية على الأمر بالعدل والقسط، قال تعالى:(مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) .
وقال بعد: (ويستَفْتُونَكَ في النساء)، ثم قال:(وأنْ تَقُوموا لليتامى بالقِسْط) ، وتوالت الآي بَعْدُ على هذا المعنى، فقدم القسط ليناسب ما ذكر.
وأما آية المائدة فذكر قبلها الأمر بالطهارة، ثم تذكيره سبحانه بتذكّر نعمته.
والوقوف مع ما عَهد به إلى عباده والأمر بتقواه، فناسب قوله:(كونوا قوّامين لله) ، ثم اتبع لما بني على ذلك من الشهادة بالقسط.
فتأمل ما بني على هذه وما بني على آية النساء يتَّضح لك ما قلت.
(قال اتقُوا اللهَ إنْ كنْتُم مُؤمنين) :
هذا من قول عيسى للحواريين حين سألوه نزولَ المائدة، ويحتمل أن يكون زَجْراً لهم عن طلبها واقتراحِ الآيات.
ويحتمل أن يكون زَجْراً عن الشك الذي يقتضيه قولهم: (هل يستطيع رَبُّكَ) على مذهب الزمخشري، أو عن البشاعة التي في اللفظ، وإن لم يكن فيه شك.
وقوله: (إن كنتم مؤمنين) هو على ظاهره على مذْهب الزمخشري.
وأما على مذهب ابن عطية وغيره فهو تقرير لهم، كما نقول: افعل
كذا إن كنت رجلا.
ومعلوم أنه رجل.
وقيل إن هذه المقالة صدرت منهم في أول الأمر قبل أنْ يَروا معجزات عيسى.
(قالوا نرِيد أن نأْكُلَ منها) .
أي أكلاً نتشرف به بين الناس، وليس مرادهم شهوة البطن.
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) .
أجابهم عيسى إلى سؤال المائِدَة من الله، فلبس جُبة شعر وقام يصلي
ويدعو ويبكي.
(قال اللهُ إني مُنَزِّلها عليكم) :
أجابه الله إلى ما طلب،
ونزلت المائِدة عليها خبْز وسمك.
وقيل زيت ورُمَّان.
وقال ابن عباس: كان طعام المائِدة ينزل عليهم حيثما نزلوا.
والكلام في قصة المائِدة كثير تركْته لعدم صحته.
(قال اللَهُ يا عيسى ابْنَ مريم أأنْتَ قُلْتَ لِلنَّاس.. .) .
قال ابن عباس والجمهور: هذا القولُ من الله يكون يوم القيامة على رؤوس
الأشهاد، ليرى الكافرُ تبرئةَ عيسى مِمّا نسبوه إليه، ويعلمون أنهم كانوا على
باطل.
وقال السُّدِّي: لما رفع الله عيسى إليه قالت النصارى ما قالت، وزعموا أنَّ
عيسى أمَرهم بذلك، فسأله الله حينئذٍ عن ذلك.
(قالوا إنْ هي إلَاّ حياتُنا الدنيا) :
حكاية قولهم في إنكار البعث الأخْرَوي.
(قالوا يا حَسْرَتَنا على ما فَرَّطْنَا فِيها) :
الضمير بـ (فيها) للحياة الدنيا، لأن المعنى يقتضي ذلك وإن لم يَجْرِ لها ذكر.
وقيل للساعة، أي
فرطنا في شأنها والاستعداد لها.
والأول أظهر.
(قد نَعْلَمُ إنّه لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُون) :
قرئ يحزن حيث وقع بضم الياء من أحزن إلا قوله: (لا يَحْرنهم الفَزَعُ الأكبر) .
وقرأ الباقون بفتح الياء من حزن الثلاثي، وهو أشهر في
اللغة، والذي يقولون: قولُهُمْ شاعرٌ ساحر كاهن.
(قَرَاطيس) :
هي الصحائف.
قال الجواليقي: يقال إن القرطاس أصله غير عربي.
ومعنى هذه الآية أن الله ردَّ بها على اليهود بأنه
ألزمهم ما لا بدَّ لهم منه، لأنهم أقرُّوا بإنزال التوراة على موسى.
وقيل القائلون قريش، وألزموا ذلك، لأنهم كانوا مقرِّين بالتوراة.
(قد جاءكم بَصَائِرُ مِنْ رَبكم) :
جمع بصيرة، وهي نورُ القلب، والبصر: نور العين، وهذا الكلام على لسان نَبِينا صلى الله عليه وسلم، لقوله:(وما أنا عليكم بحفِيظ) .