الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالبغضُ في الله أوجب، ولذلك اختلف الفقهاء في التصدق على تارِك الصلاة، قال بعضهم: الحمد للهِ الذي قال: (عن صَلَاتهم) ، ولم يقل في صلاتهم.
(يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)
سبب نزول هذه السورة أنَّ قوماً من قريش منهم الوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاصي بن وائل، وأبو جهل ونظراؤهم - قالوا: يا محمد، اتَّبع ديننا ونَتَّبع دينك، اعبُدْ آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة.
فقال: معاذ الله أن نشرك بالله شيئاً.
ونزلت السورة في معنى البراءة من آلهتهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ قرأها فقد برئ من الشرك.
وفي هذا المعنى الذي عرضت عليه قريش نزل قوله: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت السّورة بسببها.
فإن قلت: لم كرر قوله تعالى: (ولا أنا عابِدٌ ما عبدْتم) ؟
فالجواب: في تكرار هذه الآيات أقوال جَمَّة ومعانِ كثيرة، وتلخيصها أنَّ
الله تعالى نفى عن نبيه عبادةَ الأصنام في الماضي والحالَ والاستقبال، ونفى عن
الكفار المذكورين عبادة الله في الأزمنة الثلاثة أيضاً، فاقتضى القياس تكرار هذه اللفظة ستَّ مرات، فذكر لفظ الحال، لأن الحال هو الزمان الموجود، واسم الفاعل واقعٌ موقعَ الحال وهو صالح للأزمنة الثلاثة، واقتصر من الماضي على المسند إليهم، فقال:(ولا أنا عابد ما عَبَدْتم) ، وكان اسم الفاعل بمعنى الماضي فعمل على مذهب الكوفيين.
واقتصر من المستقبل على المسند إليه، فقال:(ولا أنتم عابدون ما أَعبد) ، وكان اسم الفاعلين بمعنى المستقبل.
(يُشْعِرُكم) .
أي يُدريكم، وهو من الشعور بالشيء.
(يُلْحِذون في أسمائه) .
أي يجورون في أسمائه ويشتقّون اللات من الإله، والعزّى من العزيز، وقيل تسميته بما لا يليق به، ولما قال أبو جهل ما قال نزلت الآية.
(يوم حُنين) :
عطف على (مواطن) ، أو منصوب بفعل مضمر.
وهذا أحسنُ لوجهين:
أحدهما أن قوله: (إذ أعجبتكم كثْرَتُكم) : مختص بحُنين، ولا يصح في غيره من المواطن، فيضعف عطف أحدهما على الآخر، إلا إن أريد بالمواطن الأوقات.
وحُنين اسم علم لموضع عُرف باسم رجل اسمه حُنين، وانصرف لأنه مذكر، وهي قرية قرب الطائف.
(يُحَادِدِ الله ورسوله) .
أي يخالفهما ويعاديهما.
وقيل: اشتقاقه من الحد، كقولك: يكون الله ورسوله في حدّ، وهو في حدّ.
(يُغَاث الناسُ) :
يحتمل أن يكون من الغيث، أي يمطرون، أو من الغوث، أي يفرج الله عنهم.
(يُحَاوِرُهُ) .
أي يراجعه في الكلام.
(يقَلِّبُ كَفَّيْه) :
يصفّق بالواحدة على الأخرى كما يفعل المتندم المتأسّف على ما فاته.
(يُغادِر) .
يخلف ويترك.
(يضَيِّفوهمَا) .
ينزلوها منزلةَ الأضياف في إطعامهما والإحسان إليهما.
(يُعَقِّبْ) :
يرجع على عَقبِه إلى خلف.
وقيل يلتفت.
(يوزَعون) :
يكفّون ويحبسون.
وجاء في التفسير يحبس أولهم على آخرهم حتى يدخلوا النار.
ومنه قول الحسن رضي الله عنه لما تولّى القضاء وكَثر الناس عليه: لا بدَّ للناس من وزيعة، أي من شرطة يكفّون الناسَ عند القاضي.
(يُؤْتون ما آتوْا) .
من الزكاة والصدقة.
وقيل: إنه عامّ في جميع أعمال البر، أي يفعلون وهم يخافون ألَاّ تقبل منهم.
وقد روت عائشة هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنها قرات (يأتون ما أتوا) بالقصر، فيحتمل أنْ يكون الحديث تفسيراً لهذه القراءة، وقيل: إنه عام في الحسنات والسيئات، أَي يفعلونها وهم خائفون من الرجوع إلى الله.
فإن قلت: ما فائدة حذف الضمير في هذه الآية المثبت في الآيتين قبلها؟
فالجواب: أنه أكد في الأوليين بالضمير، وفي هذه بقوله:(وقلوبهم وَجِلَة) ، أي خائفة.
(يكَوِّر اللّيْلَ على النهار) .
أي يلف هذا على هذا، ككور العمامة، وهو هنا استعارة على ما قال ابْن عطية يعيد من هذا على هذا، فكأنّ الذي يطول من النهار أو الليل يصير منه جزء على الآخر فيستره، وكأن الذي يقصر يدخل في الذي يطول فَيْستَتِر فيه.
ويحتمل أن يكون المعنى أنَّ كلَّ واحد منهما يغيّب الآخر إذا طرأ عليه.
فشبه في ستره له بثوبٍ يلف على آخر.
(يوبِقْهنَ بِمَا كسبوا) .
ضمير التأنيث يعود على السفن، يعني يهلكها بما يكسب أهلها.
وهذا عطف على (يسْكِنِ الريحَ) ، ومعناه لو شاء اللَّهُ أغرق السفن من شدة الرياح العاصفة، أو يسكنها فيظْلَلْنَ رَوَاكد على ظهره لا يتحركْنَ بالجري.
(يُزْلِقونَك بأبْصارِهم) .
أي يزيلونك بعيونهم، لأنهم غاروا من فصاحته، فقال له قائل منهم: ما أفصحك! وقصد أخْذَه بالعين، لأنه أعياهم أمره، فلم يبقَ لهم من الحِيَل إلا هذا، فأنزل الله عليه هذه الآية، وحفظه منهم، فلذلك لا تجد أنفع رُقْية منها لمن أصابه العين، وقرِئت (ليزلقونك) بضم الياء، أَي يستأصلونك من قولهم: أزلق رأسه إذا حلقه.
(يُوفِضون) :
يسرعون الخروجَ من القبور إلى المحشر، كما يسرعون الْمَشْي إلى أصنامهم في الدنيا، لكنه خلاف إسراعهم إليها، لأن