الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ينادي اسم الله، وأيتها، إلا بها.
قال الزمخشري: وتفيد التأكيد الْمُؤْذِن بأنّ الخطاب الذي تتلوه معتنىً به جدًّا.
وترد للتنبيه، فتدخل على الفعل والحرف، نحو:(ألا يا اسجُدُوا) .
(يا ليت قَوْمي يعلمون بما غَفرَ لي رَبِّي) .
وقد ختمْتُ الكلام على هذه الحروف ومعاني أدواتها على وَجْه مُوجز مفيد
محصِّل للمقصود منه، يكظم غيْظَ حبيب النجار، وحَطه عن قومه، والترأف بهم في حياته بالتشمّر في هوايتهم والتلطف معهم في دعائهم إلى الإيمان، وبعد موته بعدم الدعاء لقتلته والباغين له الغوائِل وهم كفرةٌ عبدةُ أصنام، بل تمنى لهم علمهم بأنه كان على صواب ونصيحة وشفقة، وأن عداوتهم لم تكسبه إلا فوزا وسعادة، راجياً من الله أن يعاملني بما عامل به قومه مع كفرهم وطغيانهم، وهو عبد مثلهم، فكيف بأكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
فأسألك اللهم أن تحنَن عليَّ قلوباً تفكرت في هذه الفوائِد التي جعلْتَ لهم
قلوباً يفقهون بها، وأعيناً يبصرون بها، فيتذكروني إذا وصلوا إلى حضرتك
بذكري عندك، لأنك عالم أني لسْتُ بأهل أن أكون دليلاً إليكَ، لكني أدل
المنقطعين عليك، فاهْدِ الدليلَ، ولا تردَّ المدلول، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بك.
(فصل في أقوال كلِّية محتوية على ألفاظ قرآنية)
قال ابن فارس في كتاب الأفراد: كلّ ما في القرآن من ذِكْر الأسف فمعناه
الحزن إلا: (فلمّا آسَفُونا) ، فمعناه أغضبونا.
وكلّ ما فيه مِنْ ذكر (البروج) فهي الكواكب إلا: (ولَوْ كُنْتُم في بُروج
مشيّدةٍ) ، فهي القصور الطوال الْحَصينة.
وكلّ ما فيه من ذكر البَرِّ والبحر فالمراد بالبحر الماء، وبالبر التراب اليابس،
إلا قوله: (ظهر الفَسادُ في البَرِّ والبَحرِ) ، فالمرادُ به البرية
والعمران.
وكلّ ما فيه من (بَخْس) فهو النقص إلا: (بثمن بَخْس) ، أي حرام.
وكل ما فيه من (البَعل)، فهو الزوج إلا:(أتَدْعُونَ بَعْلاً) ، فهو الصنم.
وكلّ ما فيه من (البكم) فالخرس عن الكلام بالإيمان إلا: (عُمْياً وبُكْماً
وَصُمًّا) في الإسراء.
(وأحَدهُمَا أبْكم) في النحل، فالمراد عدمُ القدرةِ على الكلام مطلقاً.
وكلّ ما فيه (جِثيًّا) فمعناه جميعاً، إلا:(وتَرَى كُلَّ أمةٍ جاثية) .
فمعناه تَجْثُو على ركبها.
وكل ما فيه من (حُسْبان) فمن العدَدِ، إلا:(حُسْباناً من السماء) في الكهف، فهو العذاب.
وكل ما فيه من (حسرة) فالندامةُ إلا: (ليَجْعَلَ الله ذلكَ حسْرَةً في
قلوبِهم) ، فمعناه الحزن.
وكلّ ما فيه من (الدحض) فالباطل، إلَاّ:(فكان من الْمُدْحضِينَ) ، فمعناه من المغلوبين.
وكلّ ما فيه من رجز فالعذاب، إلا:(وَالرّجْزَ فَاهْجُرْ) ، فالمرادُ به الصنم.
وكلُّ ما فيه من (رَيْب) فالشكّ، إلا:(رَيْبَ الْمَنُون) ، يعني حوادثَ الدهر.
وكل ما فيه من (الرجم) فالقتل، إلا:(لرَجَمْنَاك) : لشتمناك، و (رَجْماً بالغيب) ، أي ظنًّا.
وكلُّ ما فيه من (الزور) فالكذب مع الشِّرْك، إلا: (مُنْكَرًا مِنَ القَوْل
وَزُوراً) ، فإنه كذب غير شرك
وكلُ ما فيه من (زكاة) فالمالُ، إلا (وحَنَاناً منْ لدُنا وزَكاةً) ، أي طهرة.
وكلُّ ما فيه من (الزيغ) فالميلُ، إلا:(وإذْ زاغَتِ الأبصار) ، أي شخصت.
وكلّ ما فيه من سخر فالاستهزاء، إلا:(سُخْريًّا) ، في الزخرف فهو من التسخير والاستخدام.
وكلّ (سَكِينَةٌ) فيه طمأنينة، إلا التي في قصة طالوت فهو شيء كرأس الهرة له جناحان (1) .
وكل سعيرٍ فيه فهو النار والوقود، إلا (في ضَلَال وسُعُر) ، فهو العناء!
وكلُّ (شيطان) فيه فإبليس، أي الشيطان وجنوده، إلا: (وإذا خَلَوْا إلى
شَيَاطينهم) .
وكلُّ شهيدٍ فيه غير القتلى فمَنْ يشهد في أمور الناس، إلا: (وادْعُوا
شهَداكم) ، فهو شركاءَهم.
وكل ما فيه من (أصحاب النار) فأهلها، إلا:(وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً) ، فالمراد خزَنَتُها.
وكلُّ صلاة فيه عبادة ورحمة إلا: (وصَلَواتٌ ومساجد) ، فهي الأماكن.
(1) من الإسرائيليات.
وكل (صمم) فيه ففي سماع الإيمان والقرآن خاصة، إلا الذي في الإسراء.
وكلّ عذاب فيه فالتعذيب إلا: (ولْيشْهَدْ عذابهما) ، فهو الضّرْب.
وكلّ قنوت فيه طاعة، إلا:(كلّ لَهُ قانِتُون) ، فمعناه مقِرون.
وكلّ (كنز) فيه مال إلا الذي في سورة الكهف، فهو صحيفة علم.
وَكُلّ (مصباح) فيه كوكب إلا الذي في النور، فالسراج.
وكلّ نكاح فيه تزوّج إلا: (حتى إذا بَلغُوا النكاح) ، فهو الحُلُم.
وكلُّ نَبأ فيه خبر، إلا:(فعَمِيَتْ عليهم الأنباء) ، فهي الحجج.
وكلّ (ورد) فيه دخول إلا: (وَلمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَن) .
يعني هجم عليه ولم يدخله.
وكلّ ما فيه من: (لا يكلِّف الله نَفْساً) فالمراد منه العمل، إلا التي في
الطلاق، فالمراد منه النفقة.
وكل إياس فيه قنوط إلا الذي في الرعد، فمن العلم.
وكل " صبر " فيه محمود، إلا:(لَوْلَا أنْ صَبَرْنا عليها) .
(واصْبِروا عَلَى آلهتكم) .
هذا آخِرُ ما ذكره ابن فارس.
وقال السجستاني: ليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة إلا قولهم
يسار ويَسار - بالفتح والكسر: اليد.
والله أعلم.
وقال بعضهم: كلّ صوم فيه فمن العبادة، إلا:(نَذَرْتُ للرحمن صوْماً) ، أي صَمْتاً.
وكلّ ما فيه من (الظلمات والنور) فالمرادُ الكفر والإيمان إلا التي في أول
الأنعام فالمرادُ ظلمة الليل ونور النهار.
وكلّ (إنفاق) فيه فهو الصدقَةُ إلا: (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا) ، فالمراد به الْمَهْر.
وقال الداني: كلّ ما فيه من (الحضور) فهو بالضاد من المشاهدة إلا
موضعاً واحداً فإنه بالظاء من الاحتظار، وهو قوله:(كهَشِيمِ الْمُحْتَظِر) .
وقال ابن خالويه: ليس في القرآن (بعد) بمعنى قَبْل إلا حرفاً واحداً:
(ولقد كتَبْنَا في الزَّبُورِ مِنْ بَعْد الذكْرِ) .
وقال غيره: قد وجدنا حرفاً آخر، وهو قوله:(والأرْضَ بعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا) .
قال أبو موسى في كتاب المغيث: معناه هنا (قبل) ، لأنه تعالى خلق
الأَرض في يومين ثم استوى إلى السماء، فعلى هذا خلق الأرْضَ قبل خَلْق السماء.
قُلت: قد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون لشيء من هذا النوع، فأخرج الإمامُ أحمد في مسنده، وابنُ أبي حاتم وغيرهما من طريق درَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كلّ حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة ".
هذا إسناد جيد، وابن حِبَّان يصحِّحهُ.
وأخرج ابنُ أبي حاتم، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال: كلّ شيء في
القرآن (أليم) فهو الموجع.
وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: كلّ شيء في
القرآن (قتل) فهو لعن.
وأخرج من طريق الضحاك، عن ابن عباس، كلّ شيء في كتاب الله من
الرجز، يعني به العذاب.
وقال الفِرْيابي: حدثنا قبس عن عمّار الدّهني، عن سعيد بن جُبير، عن ابن
عباس، قال: كلّ تسبيح في القرآن صلاة، وكل سلطان في القرآن حجة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال: كل شيء في
القرآن (الدين) فالحساب.
وأخرج ابنُ الأنباري في كتاب الوقف والابتداء من طريق السّدِّي، عن أبي
مالك، عن ابن عباس، قال: كل ريب شك إلا مكانا واحدا في الطور: (رَيْبَ الْمَنُون) ، يعني حوادثَ الأمور.
وأخرج ابنُ أبي حاتم، عن أبي بن كعب، قال: كلّ شيء في القرآن من
الرياح فهي رحمة، وكل لشيء فيه من الريح فهو عذاب.
وأخرج عن الضحاك قال: كلّ (كأس) في القرآن إنما عني به الخمر.
وأخرج عنه، قال: كل شيء في القرآن (فاطر) فهو خالق.
وأخرج عن سعيد بن خبير، قال: كل لشيء في القرآن (إفْك) فهو كذب.
وأخرج عن أبي العالية، قال: كلّ آية في القرآن في الأمر بالمعروف فهو
الإسلام، والنهي عن المنكر فهو عبادة الأوثان.
وأخرج عن أبي العالية أيضاً، قال: كل آيةٍ في القرآن يذكر فيها حفظ الفَرْج فهو من الزنى، إلا قوله تعالى:(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، فالمرادُ ألًا يراها أحد.
وأخرج عن مجاهد، قال: كل شيء في القرآن: إن الإنسان كفور إنما يعني به الكفار.
وأخرج عن عمر بن عبد العزيز، قال: كل شيء في القرآن (خلود) فإنه
لا أوْبة له.
وأخرج عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: كلّ شيء في القرآن (يقدر)
فمعناه يقلّ.
وأخرج عنه، قال:(التزكي) في القرآن كله الإسلام.
وأخرج عن أبي مالك، قال:(وراء) في القرآن كله أمام، غير حرفين:
(فمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ) ، يعني سِوَى ذلك.
(وأحِل لكمْ ما وَرَاءَ ذلكم) ، يعني سوَى ذلكم.
وأخرج عن أبي بكر بن عياش، قال: ما كان (كِسْفاً) فهو عذاب، وما
كان (كِسَفاً) فهو قطع السحاب.
وأخرج عن مجاهد، قال:(المباشرة) في كلّ كتابِ الله الجماع.
وأخرج عن ابن زيد، قال: كل ما في القرآن (فاسق) فهو كاذب، إلا
قليلاً.
وأخرج ابن المنذر عن السدي، قال: ما كان في القرآن (حنيفاً مسلماً) .
وما كان في القرآن حنفاء مسلمين: حجاجاً.
وأخرج عن سعيد بن خبير، قال:(العفو) في القرآن على ثلاثة أنحاء، نَحْو
تجاوزٌ عن الذنب، ونحو في القصد في النفقة: (ويسألونك ماذا يُنْفِقُون قُل
العَفْو) .
ونحو في الإحسان فيما بين الناس: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) .
وفي صحيح البخاري، قال سفيان بن عُيينة: ما سمّى الله المطر في القرآن إلا
عذاباً، وتسمِّيه العرب الغيث.
قلت: استثني من ذلك: (إنْ كَانَ بكُمْ أذًى مِنْ مَطرٍ) ،
فإن المرادَ به الغيث مطلقا.
وقال أبو عبيدة، إذا كان من العذاب فهو أمطرت، وإذا كان من الرحمة فهو مطرت.
وأخرج أبو الشيخ، عن الضحاك، قال: قال لي ابنُ عباس: احفظ عني: كل شيء في القرآن: (وما لَهم في الأرض مِنْ وَليّ ولا نَصير) ، فهو
للمشركين.
فأما المؤمنون فما أكثر أنصارهم وشفعاءهم.
وأخرج سعيد بن منصور، عن مجاهد قال: كلّ طعام في القرآن فهو
نصف صاع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن مُنَبه، قال: كل شيء في القرآن
(قليل) ، و (إلا قَليل (فهو دون العشرة.
وأخرج عن مسروق، قال: ما كان في القرآن: (على صلاتهم يحافظون) .
(حافظوا على الصلوات) فهو على مواقيتها.
وأخرج عن سفيان بن عُيينة، قال: كل شيء في القرآن: (وما يُدْرِيك) فلم
يخبر به.
وأما (أدراك) فقد أخبر به.
وأخرج عنه، قال: كلّ (مكرٍ) في القرآن فهو عمل.
وأخرج عن مجاهد، قال: ما كان في القرآن قتل ولعن، فإنما عُني به الكافر.
وقال الراغب في مفرداته: قيل كل شيء ذكره الله في كتابه (وما أدراك)
فسَّره.
وكل شيء ذكره بقوله: وما يدريك تركه.
وقد ذكر: (وَمَا أدْرَاكَ ما سِجّين) .
(وما أدْراكَ ما عِلِّيُّون) ، ثم فَسر الكتاب لا السّجِّين، ولا العلّيون.
وفي ذلك نكتة لطيفة.
قال بعضهم: ليس في القرآن على كثرة منصوباته مفعول معه.