الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شأن حيث أبرز معها الفعل، وأضمر، فكانت الواو قائمة مقام الفعل، والباء سادٌّة مسدَّهما جميعاً، والواوات العواطف نوائِب عن هذه الواو، فحقيقته: أن تكون عوامل على الفعل والجار جميعاً، كما تقول: ضرب زيد عمراً وبكر خالدًا، فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملها.
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)
.
هذا من إضافة الموصوف إلى الصفة.
وقال الزمخشري: يجوز أن يعرب إعرابَ الجمع المذكر بالواو والياء.
وأن يلزم الياء ويحرك النون بحركات الإعراب، وهذه أقسام، أقسم اللَّهُ بالتين والزيتون وبجبل الطور الذي كلَّم عليه موسى.
والبلد الأمين، من الأمانة أو الأمن، لقوله:(اجْعَلْ هذا بلدًا آمِنًا) .
وقد استجاب الله دعَاءه فجعله آمِنًا من كل شيء، لقوله تعالى:(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) .
(واسجد واقْتَرِبْ) .
أي تقرَّب إلى الله بالسجود، وهذه الآية موضع سجدةٍ عندنا خلافاً لمالكٍ.
(والعادياتِ ضَبْحا) .
اختلف في العاديات والمُوريات والمغيرات، هل يراد بها الخيل، وعلى هذا فهل هي خيل الْمجاهدين أقسمِ اللَه بها، أو الخيل على الإطلاق.
وعلى القول بأنها الإبل اختلف هل هي إبل غزْوة بدر، أو إبل المجاهدين مطلقا، أو إبل الحاج، أو الإبل على الإطلاق.
ومعنى العاديات التي تعدو في مَشْيها.
والضَّبح: هو تصويت جَهير عند العَدْوِ الشديد ليس بصَهيل، وهو مصدر
منصوب على تقدير: يضبحن ضَبْحاً، أو هو مصدر في موضعِ الحال، تقديره العاديات في حال ضَبْحها.
والمورِيات من قولك: أوريت النارَ، إذا أوقدتها.
وقد قدمنا أن القدح صكُّ الحجارة فيخرج منها شعلة نار، وذلك عند ضَرْب الأرض بأرجل الخيل أو الإبل.
وإعراب (قَدْحاً) كإعراب (ضبحاً) .
والمغيرات من قولك: أغارت الخيل إذا خرجت للإغارة على أعدائها.
و (صبْحاً) : ظرف زمان، لأن عادةَ أهل الغارة في الأكثر
أنْ يخرجوا في الصباح.
(وَسَطْنَ به جَمْعاً) ، أي توسطن.
واختلف هل المراد بالْجَمْع جَمْع الناس، أو المزدلفة، لأن اسمها جَمْع.
والضمير المجرور للوقت، أو للمكان، أو للعدو، أو للنقع.
وقد قدمنا معناه في حرف النون.
(وإنه على ذلك لشَهيد) .
معطوف على الإنسان، يعني هو شهيد على نفسه بكنوده.
وقيل: هو الله تعالى، على معنى التهديد.
والأول أرجح، لأنَّ الضمير الذي بعده للإنسان باتفاق، فيجري الكلام
على نَسَقً واحد.
(وإنه لحبِّ الْخَيْرِ لَشديد) .
المعنى إنَّ الإنسان شديد الحبّ للمال، فهو ذَمّ لحبّه والحض عليه.
وقيل الشديد البخيل.
والمعنى على هذا إنه لبخيل لأجل حبِّ المال.
والأول أظهر.
(وحصِّل ما في الصدور) .
أي جمع في الصحف وأظهر محصّلاً، أو ميّز خَيْرُه من شرِّه.
(وآمَنَهمْ من خَوْف) .
أي من خوف أصحاب الفيل، أو آمنَهم في بلدهم، أو في أسفارهم، لأنهم كانوا في رحلتهم آمنين لا يتعرَّض لهم أحَد بسوءٍ لبركة البيت، ويطلب منهم الدعاء لمجاورتهم له، وكان غيرهم تؤخذ أموالهم وأنفسهم.
وقيل آمَنَهم من الجذَام والطاعون والدجال.
قال الزمخشري: التنكير في (جوعٍ) و (خوفٍ) لشدتهما، ولا ترى مجذوماً بمكة.
(وُسْعَها) .
بضم الواو: طاقتها، وهذا إخبار من الله أنه لا يكلِّف النفسَ إلا طاقتها، ووقوع تكليف ما لا يطاق جائز عقلاً عند الأشعرية محال عقلاً عند المعتزلة، واتفقوا على أنه لم يقَعْ في الشريعة.
(والْمُوسِعِ) :
الغني أي واسع الحال، وهو ضد المقتر.
(وإنّا لمُوسِعون) : قيل أغنياه، وقيل قادرون.
(وَارَى) يُواري، أي ستر، ومنه:(يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ) .
و (مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا) .
وتوارى، أي استتر واستخفى.
(وَعَى) العلم يعني حفظه ومنه: (وتَعِيَها أذُنٌ وَاعِيةٌ) .
قال صلى الله عليه وسلم لما نزلت: اللهم اجعلها أذُنَ عليٍّ، فاستجاب الله له، وجعله البابَ لمدينة العلم، كما قال صلى الله عليه وسلم:" أنا مدينةُ العلم وعلي بابها ".
هذا ما خُصَّ به من الفضائل، وقد شهد الله في كتابه بإبراهيم في قوله:(وإبراهيم الذى وَفَّى، وقال فيه: (يوفونَ بالنّذْرِ)، وبالخوف بالملائكة:
(يخافون ربَّهم من فوقهم) .
وقال فيه: (ويخافون يوماً كان شَرُّهُ مستطيراً) .
وبالصبر بأيوب: (إنَّا وجَدْناه صابراً) .
وقال: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) .
وذكر الله أنه يطعم ولا يطعم، وقال فيه:
(ويطعمون الطعامَ على حبِّه) .
ولما نزلت: (يا أيها الذين آمَنوا إذا ناجَيْتم الرسولَ فقدِّموا بين يدي نَجْوَاكم صدقة)، قال علي: كانت لي عشرة دراهم فتصدقت بها، وسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عشر كلمات، ولم يعمل بهذه الآية غيري، ورفق الله بالأمة.
قلت: يا رسول الله، كيف أدعو؟
قال: بالصدق والوفاء.
قلت: ما أسأل الله؟
قال: العافية في الدارين.
قلت: ما أصنع لنجاتي؟
قال: كلْ حلالاً وقلْ صدقاً.
قلت: فما الحيلة؟
قال: تَرك الحيلة.
قلت: فما أمر الله ورسوله؟
قال: الحق.
قلت: فما الحق؟
قال: الإسلام والقرآن وولاية من انتهى إليك.
قلت: فأين الراحة؟
قال: في الجنة.
قلت: فما السرور؟
قال: الرؤية.
قلت: فما العبودية؟
قال: إظهار الوفاء.
قلت: فما الوفاء؟
قال: شهادة أن لا إله إلا الله.