الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مراكب الجمال إلى بيتك، وأعناق الرجال إلى قَبْرِك، والبراق إلى حَشْرك، قال تعالى:(يوم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إلى الرحمن وَفْداً) .
(فعِدةٌ من أيام أخَر) :
هذا من رحمة الله بهذه الأمة، حيث أباح لها التفريقَ في قضاء رمضان، وهو من خصائص هذه الأمة، قال تعالى:(يأيها الذين آمنوا كتِبَ عليكم الصيامُ كما كتِب على الذين من قبلكم) .
فإن قلت: قد قلتم: إنَّ هذا الصيام من خصائص هذه الأمة، فما معنى
الصيام على غيرها؟
فالجواب أنه اختلف: فقِيلَ ثلاثَة أيام مِنْ كلِّ شهر.
وقيل: عاشوراء، ففي هذه الآية الشريفة نرى عذْرَين ونهيين ونسْخَين ورحمتين وكرامتين.
أما العذْران فقوله: (كما كُتِب على الذين مِن قَبْلكم) .
والثاني: (أيَّاماً معدودات) ، أي قليلة تمضي سريعاً.
وأما النسْخان فقوله: (وعلى الذين يطيقونه فِديَةٌ طعام مسكين) ، أي في
بَدءِ الإسلام إن مَنْ لم يصم ثم أطعم لم يكن له بذلك.
والثاني أن المجامعة كانت حراماً في ليالي رمضان، فأباح الله لهم بسبب عمَر
قوله: (أحِل لكم ليلةَ الصيامِ الرَّفَث إلى نِسائكم) يعني الجماع.
وأما الأمران فقوله: (ولتكمِلوا العِدة)، وقوله:(ولتكَبروا اللهَ على ما هَدَاكم) .
وأما النهْيان ففي المؤاكلة والمجامعة بالنهار، وهو قوله: (ثم أتِمّوا الصيامَ
إلى الليل) .
وأما الرحمتان: (فمَن كان مِنْكم مَرِيضاً أو على سفر فعدَة مِنْ أيام
أخر) ، فرخص له في الإفطار والقضاء بأيام أخر.
وأما الكرامتان فقوله: (شَهْر رَمَضان) .
وليلة القَدْر التي هي خَيْرٌ من أَلْفِ
شهر، فالصيام أفضل الطاعات، لأنه يصوم بأمر، ويفطر بأمر:(كلوا واشْرَبُوا) .
والجوع والعطش وغير التمتّع مِنْ عذابِ أهل النار، والله لا يجمَع على الصائم عذابَين، ويعطون الغرف في الجنة بصبرهم، قال تعالى:(أولئك يجْزَون الغرفَة بما صَبَروا) .
وكلّ عمل لا يخلو من وجهين: إما طاعة مع الغَفْلة، أو مَعصِية مع الشهوة، فجعل الله قبول الطاعة بالصوم قوله:(فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ، وجعل غُفْرانَ المعصية بالصوم، قال تعالى:(ومَنْ قتل مؤمناً. . . فصيام شهرين. . .) .
وانتهاء المناهي أفضل من ائتمار الأوامر، ألا ترى أنه قال: (مَنْ جاء بالحسنة
فله عشر أمثالها) .
قال: (ونهى النَّفْس عن الْهَوَى) .
والصوم من انتهاء المناهي، والزّهد في الحلال أفضل من الزهد في الحرام، والصوم من الزهد في الحلال، وفي نداء عباده تعالى بالإيمان من اللطائف والفضائل ما لا يحيط بها إلا هو، كأنه سبحانه يقول: يا مَنْ أقْرَرْتم بوَحْدَانيتي، وعرفْتم دَيموميتي، لا تَقْنَطوا من رحمتي.
قال بعضهم: النداء على عشرين وجهاً:
خمس من الله في الدنيا، وخمس للآدميين في الدنيا، وخمس من الملائكة في
الدنيا، وخمس من الملائكة في الآخرة.
أما الذي من الله فنداء الجنس: (يا أيها الناس) .
ونداء النسبة: (يا بني آدم) .
(يا بني إسرائيل) .
ونداء المدحة: (يأيها الذين آمنوا) ، لأن الله جمع أوصافَ المؤمنين
ونُعوتهم ومعانيهم في هذا النداء، لأنه لم تَبْقَ حسنة إلا دخلت تحته، كما أن الله عَلَم على ذاته القدسية، ومَن ذكره فكأنما ذكر جميع أسمائه التي هي ألفُ اسم ثلاثمائة في التوراة، وثلاثمائة في الإنجيل، وثلاثمائة في الزَّبور، وواحد في صُحف إبراهيم، وتسع وتسعون في القرآن، فأوَّل جميع الكتبِ اللهُ.
ونداء المذمة: (يأيها الذين كفروا لا تَعتَذِروا اليوم) .