الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن عطية: ومعنى هذا القول صحيح، ولم يبَيِّنه.
ووَجْههُ عندي أنَّ موسى عليه
السلام إنما رأى العَهْد في أن يسأل، ولم يرَ إنكار هذا الفعل شنِيعاً سؤالا، بل
رآه واجباً، فلما رأى الخضر قد أخذ العَهْدَ على أعمّ وجوهه فضمَنه السؤال
والإنكار والمعارضة، وكلٌّ اعتراض، إذ السؤال أخَفّ من هذه كلها - أخذ معه في باب المعاريض التي هي مندوحة عن الكذب، فقال له:(لا تؤاخذني بما نَسيت) ، ولم يقل إني نسيت العَهْد، بل قال لفْظاً يُعطى للمتأول أنه نسي العهد، ويستقيم أيضاً تأويلُه وطلَبه مع أنه لم ينسَ العهد، لأن قوله:
(لا تؤاخذني بما نسيت) -كلامٌ جيد -، وليس فيه للعهد ذِكْر، هل نسيه أم لا، وفيه تعريض أنه نسي العهد، فجمع في هذا اللفظ بين العُذْر والصدق، وما يخل بالقول.
(قال انفخُوا) :
يريد نَفْخَ الكير، أي أوقدوا النارَ على الحديد.
وروي أنه حفر الأساس حتى بلغ الماءَ، ثم جعل البنيان من زُبَر الحديد
حتى ملأ به بين الجبَلين، ثم أفرغ عليه قِطْراً: نحاساً مُذاباً.
وقيل هو الرصاص.
وهذا السدّ من عجائب الدنيا، إذ لا يقْدِر على هَدْمه أهْل الدنيا.
ولمّا فرغ من بنائه قال: هذا رحمةٌ من ربي.
ولما أُسْري به صلى الله عليه وسلم رآه وتعجّب من
صنعته، وقال رجل: يا رسول الله، رأيتُ سدَّ يأجوج ومأجوج.
فقال: كيف رأيتَه، قال: كالبُرْد المحبَّر، طريقة صفراء، وطريقة حمراء، وطريقة سوداء.
فقال صلى الله عليه وسلم: قد رأيته.
(قَبس) :
قد قدمنا أنه الجَذْوَة من النار تكون على رأس العود
أو القصبة ونحوها.
فإن قلت: ما معنى اختلاف هذه الألفاظ والتقديم والتأخير في مواضع من
السور؟
والجواب أنَّ ذلك يختلف باختلاف المَقْصد، والتناسب، ففي آية طه
، رؤية موسى النار وأمْره أهله بالمكث وإخباره إياهم أنه آنس نارا،
وأطمعهم بأن يأتيهم بنار يصطلون بها، أو خبرٍ يهتدون به - إلي الطريق الذي
ضلوا عنه، ولكنه نقص من النمل رؤية موسى النار وأمْره أهله بالمكْثِ
اكتفاء بما تقدم، وزاد في القصص: قضاء موسى الأجَل المضروب وسيره بأهله إلى مصر، لأن الشيء قد يُجْمَل ثم يفصَّل، وقد يفصَّل ثم يجمل، وفي طه فَصل ثم أجمل، تم فَصل في القصص، وبالغ، فيه، وقوله في طه:
(أو أجِدُ على النار هدى) ، أي مَن يخبرني بالطريق فيهديني إليه، وإنما أخّر ذلك الخبر فيها وقدمه فيهما مراعاةً لفواصل الآي في السور جميعاً، وكرر (لَعَلي) فِي القصص لفظاً وفيهما معنى، لأن (أو) في قوله:(أو أجد) نائب عن (لعلي) .
وقوله: (سآتيكم) تضمن معنى لعلي.
وفي القصص: (أو جَذْوة من النار)، وفي النمل:(بشهابِ قَبَس)، وفي طه (بقَبَس) : فهي في السور الثلاث عبارة عن معبَّرٍ [معنى] واحد، وهذا برهان لامع.
(قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) .
أي أعطيتك كل ما طلبتَ من الأشياء المذكورة.
(قد جئناكَ بآيةٍ من ربك) :
يعني قَلْب العصا حيَّة، وإخراج اليَدِ بيضاء، وإنما وحدها وهما اثْنان، لأنه أراد إقامةَ البرهان، وهو معنى واحد.
(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) :
قرئ إن هاذين بالياء ولا إشكال في ذلك، وقرئ بالتخفيف، وهي مخففة من الثقيلة، وارتفع بعدها هذان بالابتداء.
وأما عَلَى قراءةِ.
نافع وغيره بتشديد (إنَّ) ورَفْع (هذان) فقيل: إنَّ هنا بمعنى نعم، فلا تنصب، ومنه ما روِي في الحديث: إنَّ الحمدُ لله بالرفع.
وقيل اسم إنَّ ضمير الأمر والشأن، تقديره إن الأمر، وهذان لساحران مبتدأ
وخبر في موضع خبر إن.
وقيل: جاء في القرآن في هذه الآية بلغة بلحارث بن كعب، وهي إبقاء التَّثنية بالألف في حال النصب والخفض، وقالت عائشة: هذا مما لحن فيه كاتبُ المصحف (1) .
(1) لم يثبت ذلك ولم يصح عن أم المؤمنين رضي الله عنها وهو من وضع الزنادقة.
وقد أكثروا في الكلام في هذه الآية وألفوا فيها تأليفاً.
(قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ) :
إنما حكى اللَّهُ عن قريش هذه الأقوال الكثيرة ليُظْهرَ اضطرابَ أمرهم وبطلان أقوالهم.
(فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) :
القبضة: مصدر قبض، وإطلاقها على المفعول مِنْ تسمية المفعول بالمصدر، كضَرْب الأمير.
ويقال قبض بالضاد المعجمة إذا أخذ بأصابعه وكفِّه، وبالصاد الهملة إذا أخذه بأطراف الأصابع.
وقد قرئ كذلك في الشاذّ، وإنما سمّي جبريل رسولاً لأن الله أرسله
إلى موسى.
(قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً) :
والقَصْم: الكسر.
قال ابن عباس: هي قرية باليمن، يقال لها حَضور، بعث الله إليهم رسولا فقتلوه، فسلّط الله عليهم بخت نَصّر ملك بابل، فأهلكهم بالقتل.
وظاهر اللفظ أنه على العموم، لأنَّ (كمْ) للتكثير، فلا يريد قريةً معينة.
(قائمين) : مصَلين.
(قانع) ، سائل، يقال: قنَع فنوعاً إذا سأل، وقَنِعَ قناعة إذا
رضي.
(قَلَى) يقلي أبغض، ومنه:(وما قلى) ، و (لعَملكم من القَالِين) .
(قوماً عَالين) : متكبرِين.
والمراد بهم قوم فرعون.
(قال طائِركم عِنْدَ الله) ، أي السبب الذي يحدث عنه
خيركم وشركم هو عند الله، وهو قضاؤه وقَدَره، وذلك ردٌّ عليهم في تطيُّرِهم ونسبتهم ما أصابهم من القَحْط إلى صالح عليه السلام.
(قال إنِّي مُهَاجر) :
فاعل (قال) إبراهيم.
وقيل لوط، وهاجرا من بلادهما من أرض بابل إلى الشام.