الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا سمعوا القرآن طعنوا فيه واستهزءوا به، فأمَر اللهُ نبيه بالإعراض عنهم حتى
يحكمَ اللَّهُ فيهم بعدْله.
(يَغْنَوْا فيها) :
يقيموا فيها، أو ينزلوا مستغنين.
والمغاني: المنازل، واحدها مَغْنى.
(يذَرَك وَآلهَتَك) :
معطوف على، (ليفسدوا
) ، أو منصوب بإضمار أن بعد الواو.
وقيل كان فرعون جعل للناس أصناماً يعبدونها، وجعل تفْسَه الإله الأكبر، ولذلك قال:(أنا رَبُّكم الأعلى) ، فآلهتك على هذا هي تلك الأصنام.
وقرأ عليٌّ بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس: إلَاهتك، أي عبادتك، والتذلل لكَ.
(يُسْتَضْعَفون) :
هم بنو إسرائيل استضعفوهم قوم فرعون، فجعلوهم خدماً يمتهنونهم في الخدمة ويُتْعبونهم في المناولة.
(يَعْرِشون) ، أي يبنون.
وقيل الكروم وشبهها.
(يَعْدون في السّبْتِ) .
يعني يتجاوزون حد الله فيهم باصطِيادهم الحوتَ.
(يَسْبِتونَ) ، يَدَعون العمل فيه.
وبضم الياء يدخلون في السبت.
(يَلْهَث) :
اللهث: تنفس بسرعة، وتحريك أعضاء الفم، وخروج اللسان، وأكثَر ما يَعْترِي ذلك الحيوانات مع الحَرِّ والتَّعَبِ، وهو حالة دائمة للكلب، ومَثل الله الذي انسلخ من آياته بالكلب، لأنه لا يعرفُ قَدْرَ اللؤلؤ والياقوت، بل يعرف الجِيفَ والقذرات الْمُنْتنة، وبلعام لم يعرف قَدْرَ ما أعطاه الله، فسُلب، وفي هذا من الإشارة لك يا محمدي ما يُذْهِل العقول في كونك أكرمك الله بآياته، وفضَّلك على كثير من مخلوقاته، فأعرضْتَ عنها، واشتغلت بالجيفة النتنة الذي قال فيها الصادق الصدوق:" الدنيا جيفة وطلابها كلاب ".
وإن أعرضت عنها في بعض أوقاتك فما أسرع نَكْث العهد في رجوعك
إليها، أما سمعتَ قول الصادق المصدوق: نحن أمةٌ ليس لنا مثل السوء
" الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ".
فافهم إن كنت ذا فَهْم، والسلام.
ووَجْهُ تشبيه ذلك الرجل به أنه إنْ وعظْتَه فهو ضالّ، وإن لم تَعظْه فهو
ضالّ، فضلَالَتُه على كل حال، كما أن لهث الكلب على كل حال.
وقيل: إن ذلك الرجل خرج لسانُه على صدره، فصار مِثْلَ الكلب في صورته ولهثه حقيقة، وهذه حالُنا لولا أنْ مَنّ الله علينا بني عظيم يشفع فينا لكنّا أعظم من هذا، وكيف لا وفِعْلُنا أعظم، وجرائمنا أجسم، لكن سيئات المحبوب حسنات، اللهم كما سترتها علينا بجاهه عندك اسْتُرْها علينا في الآخرة.
(يَمْشُونَ بِهَا) :
أخبر اللهُ بهذه الآية عن اعتراف المشركين أنَّ أصنامَهم لا تمشي ولا تَبْطش ولا تسمع ولا تُبْصر، فقال لهم: كيف تعبدونها، وبين بها كفرهم وإعراضهم عن عبادة المتصف بالسمع والبصر والقدرة والإرادة، فتعالى الله الملك الحقَّ لا إله إلا هو.
(يَتَولى الصَّالِحين) ، في أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم.
ومَنْ كان لله كان الله له، ومَنْ راقب يراقب، ومَنْ غفل غفل عنه.
أنْتَ تريد وهو يريد، فإنْ تركتَ مرادَك لمراده أنَالَكَ ما تريد، كيف تطلب خرق العوائد وأنتَ لم تخرق من نفسك العوائِد.
(يَنْزَغَنَّك من الشيطان نَزْغٌ) :
قد قدمنا أن الخطاب بهذا لأمته، إذ الإجماعُ على عصمته، ونَزْغ الشيطان: وَسْوسته، والأمر بالمعاصي، وتحريك الغضب، وفي هذا من التعليم لأمته بوجوده صلى الله عليه وسلم ما يعجزُ اللسان عن شكره، وكيف لا وقد بَين لنا صلى الله عليه وسلم كيفيَة الفعل إذا اعْتَرَانا هذا
اللعين بقوله: إن كان قائماً فليجلس، وإن كان جالسا فليضطجع، ويستعيذ بالله من شره.
وفي حديث آخر لما رأى رجلا اشتدّ غَضَبه، فقال صلى الله عليه وسلم:" إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يَجِد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ".
وقد وَفّق اللهُ بعْض هذه الأمة لكظْم الغيظ، وعَفْوهم عمن ظلمهم، لو ذكرنا ذلك لطال ذكرهم، كالذي كان يناول طعاما لسيده فعثر ووقعَت الصحْفَة من يده، فقتل ابْنَ سيده، فدهش، فقال له السيد: لا رَوْع عليك! فقال الغلام: (والكاظِمين الغَيظَ) .
قال: قد كظَمْتُه.
فقال الغلام: (والْعَافِين عن الناس) .
فقال: قد عفوت.
قال الغلام: (والله يحبُّ الْمُحْسنين)، فقال: قد أحسنتُ إليك.
اذهب فقد زوَّجتك ابنتي.
وآخر دخل على فرسه الذي كان يركبه، فوجده على ثلاث قوائم، فقال:
مَنْ فعل هذا، فقال له الغلام: أنا.
قال: ما الذي حملكَ على ذلك، قال: أردت أن أغمَّك.
فقال: لأغمنَّ الذي أمركَ بذلك.
اذهب فأنْتَ حُرٌّ لوجه الله.
هكذا فلتكن حالُك إن أردْتَ اللحوقَ بهم، وإلا ظنَّ مباينَة حالك لحالهم.
هؤلاء يملأ اللهُ قبورهم نوراً، كما ملأها في الدنيا إيماناً، وأما نحن فلا ندري ما نصير إليه لا نحن فيه من غَلبة النفس والهوى والشيطان.
(يَمُدُّونَهم في الْغَيِّ ثم لا يُقْصِرُون) :
قرئ بضم الياء وفتحها، ومعناها لا يقصر الشيطان على إمداد إخوانهم من الكفار، أو لا يقصر الكفار عن غيهم.
(يَسْألُونَكَ عن الأنفال) :
يعني أن الصحابة يوم بَدْر كانوا على ثلاث فرق: فرقة مع النبي صلى الله عليه وسلم تَحْرسُه وتُؤْنسه، وفرقة تبعت المشركين تقاتلهم، وفرقة أحاطوا بأسلاب العدوّ وعسكره لما انهزموا، فلما انجلت الحرْبُ
ونَصرَ الله نبيه رأت كلّ فرقة أنها أحق بالغنيمة من غيرها، واختلفوا فيما بينهم، فنزلت الآية: إن الأنفال، وهي الغنيمة، للهِ ورسوله.
وقيل الأنفال هنا ما ينفله الإمام لبعض الجيش من الغنيمة زيادة على حظه، فأعطاهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم ما غنموا وقَسمها بينهم، وفي بعض الغزوات قال لهم: لي معكم الخُمس، وهو مردود عليكم لزُهْدِه صلى الله عليه وسلم وإيثارِه الصحابة عليه.
وقد اختلف الفقهاء: