الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولئن قتِلْتم في سبيل الله)، الآية: تخبر بأن مغفرةَ الله تعالى ورحمته تعمّ إذا قتلوا أو ماتوا في سبيل الله خَيْر لهم مما يجمعون من الدنيا.
(ولو كنتَ فَظَّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضّوا مِنْ حولك) :
وصف الله رسولَه باللين واللطف لأصحابه، لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يوَاجِة أحداً بما يكره، وقد أمره الله بالغلظ على الكفار، وبهذا وصف اللَّهُ الصحابة بأنهم كانوا أَشداءَ على الكفار رحماء بينهم.
(وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا) .
من لطف الله بهذه الأمة أنه لم يعين المخالفَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الموافق، لأنه تعالى أَراد السّتْر على عباده، فأبْشر يا محمديّ بما أنعم الله به عليك حيث ستر على عدوِّك.
والمراد بهذه الآية عبد اللَه بن أبي بن سلول، لأنه لم يُرد الخروج إلى المشركين
يوم أحُد، فلما خرج صلى الله عليه وسلم غضب، وقال: أطاعهم وعصاني، فى جمع ورجع معه نحوء ثلاثمائة رجل، فمشى في أثرهم عبد اللَه بن عمرو الأنصاري، فقال: يا قوم ارجعوا وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا يعني عن المسلمين إن لم تقاتلوا، فقال له عبد الله بن أبي:(لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ) .
(ويَسْتَبْشِرون بالَّذِين لم يَلْحَقُوا بهم) :
المعنى أنهم يفرحون بإخوانهم الذين بقوا في الدنيا من بعدهم، لأنهم يرجون أنْ يستشهدوا مثلهم، فينالوا ما نالوا من الأمن وعدم الحزن
وسبب نزول الآية أن جماعةً من الصحابة استشهدوا فقال لهم الحقّ تعالى:
" تَمنَّوْا ما تريدون "، فقالوا: الرجوع إلى الدنيا للشهادة في سبيلك، فقال: سبق في أَزلي أنه لا يرجع إلى الدنيا أَحَدٌ، فقالوا: أَعْلِمْ إخوانَنا الذين بقوا فيها أنك رضيتَ عنَّا وأرضيتَنا،
(ولا يَحْزُنْكَ الذِينَ يُسَارِعُون في الكُفْر) :
الخطاب لنبينا صلى الله عليه وسلم، سلاه الله بهذه الآية.
والمسارعون إلى الكفر - المنافقون أو الكفّار في مبادَرتهم إلى أقوالهم وأفعالهم.
(وقَتْلَهم الأَنبياءَ بغير حقٍّ) :
أسند القتل إليهم مع أن آباءهم هم الذين قتلوهم، لكنهم رضوا بذلك، وتبعوا مَنْ فعل ذلك منهم، فهم شركاء، لأَن الراضي بالمعصية كفاعلها.
فإن قلت: ما فائدة تنكير الحق هنا وتعريفه في الآية الأولى من البقرة، ومعلوم أنه لم يقتل نبيٌّ بحق؟
والجواب أنه عرفه لاجترائهم على قتلهم مع معرفتهم بأنه بغير حق، ولذلك
قرئ بالتشديد تعظيما للذنب والشنعة لِلَّذي أتوه، وإنما أباح اللَّهُ تعالى من أباح منهم، وسلّط عليهم عدوه كرامةً لهم، وزيادة في منازلهم، كقتل مَنْ يقتل في سبيل الله من المؤمنين، قال ابن اعباس وغيره: لم يقتل قطّ من الأنبياء إلَاّ مَنْ لم يُؤمَر بقتال، وأما مَنْ أمر بالقتال فإنَّ الله نَصره.
وإنما عُرِّف الحقّ في البقرة
إشارة إلى الحق الذي أَخذ الله أن تقْتل النفس به، وهو قوله: (ولا تقْتُلوا
النّفْسَ التي حَرم الله إلا بالحق) ، فكان الأوْلى بالذكر، لأنه من الله، وما في هذه السورة نكرة، لأنه في معتقدهم وتَدينهم، وكان هذا بالتأخير أولى.
فإنْ قلت: المذكورون في الآيات الثلاث من بني إسرائيل قد اجتمعوا في
الكفر والاعتداء، فما وَجْه اختصاص الآية بجمع التكسير فيما جمع في
الآيتين جمع سلامة، فقيل (النبيين) في الآيتين، وقيل في هذه الآية الأخيرة الأنبياء مكسراً؟
فالجواب أن جمْعَ التكسير يشمل أولي العلم وغيرهم، وجمع السلامة يختصُّ في
أصل الوضع بأولي العلم، وإن وُجد في غيرهم فبحكم الإلحاق والتشبيه، كقوله تعالى:(إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا) ، وما يلحق بهذا.
وإذا تقرر هذا فورود جَمْع السلامة في قوله في سورة البقرة، (ويقتلون
النبيين بغير الحق) ، مناسب من جهتين:
إحداهما شرف الجمع لشرفِ المجموع.
والثانية مناسبةُ زيادةِ المدّ لزيادة أداة التعريف في لفظ الحق.
وأما الآية الأولى من سورة آل عمران فمثْل الأولى في مناسبة الشرف ومناسبة
زيادة المد للزيادة في الفعل العامل في اللفظ المجموع في قراءة مَنْ قرأ: "ويقاتلون".
ولما لم يكن في الآية الثالثة سوى شَرَف المجموع، وكانت العرب تتَّسع في جموع التكسير فتوقِعها على أولي العلم وغيرهم أتى بالجمع هنا مكسراً لتحصلَ اللغتان، حتى لا يبقى لمن يتحدَّى القرآن حجة، إذ هم مخاطبون بما في لغاتهم، فلا يقتصر في شيء من خطابهم على أحد الجائزين دون الآخر إلا أن يتكرر، فإذ ذاك يَرد على وَجْهٍ واحد مما يجوز فيه.
فتأمّل ما أجملته، فسوف يتَّضِح لك به إذا استوفيته ما يعِينك على فهم
الإعجاز.
(وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ) :
هذه الآيات في الذين آذاهم الكفار بمكة حتىَ خرجوا منها، ولحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقاتلوا معه.
(وإنَّ مِنْ أهلِ الكتاب لَمنْ يؤْمِن بالله) :
نزلت في النجاشي ملك الحبشة، والجمهور على أنها عامَّةٌ في كل من أسلم من اليهود أو النصارى.
(وَجْه النهارِ واكفروا آخِرَه) :
هذه مقالة قومٍ من اليهود قالوها لإخوانهم ليخدعوا المسلمين فيقولوا: ما رجع هؤلاء عن دين الإسلام إلا عن علم.
وقال السهيلي: إنَّ هذه الطائفة هم عبد الله بن الصيْف، وعدي بن زيد.
والحارث بن عوف.
(ولا تقْتلوا أَنفسكم) :
أجمع المفسرون أنَّ المعنى: لا يَقْتل