الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يتطرق إليها شكٌّ في الإيمان.
وقيل المطمئنة التي لا تخاف حينئذ.
ويؤيدُ هذا قراءة أبيّ بن كعب: " يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة ".
(يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا) .
بضم اللام وكسرها.
بمعنى الكثرة.
والقائل لهذا عند قوم الوليد بن المغيرة، لأنه أنفق أموالاً في إفساد أمرِ
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(يَتَزَكَّى) .
من أَداء الزكاة، أو من الزكاء، أي يصير زاكياً عند الله، أو يتطهر من ذنوبه.
وهذا الفعل بدل من (يؤتي ماله) ، أو حال من الضمير.
والمراد به أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، ولو لم يكن له من الفضيلة إلا نزول هذه السورة فيه لكان فيها كفاية، فكيف وقد شبّهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بآصف لما أتي ببركة من مكة إلى المدينة.
وسمي صدِّيقاً لأَنه صدَّق النبي صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس، وعتيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت عتيق من
النار.
ولما نزلت: (ولسوف يَرْضَى)، قال: يا رسول الله، لا يرضيني أنَ أحداً مِنْ أمَّتك يدخل النار.
فتبسَّم صلى الله عليه وسلم وقال: إن الله يقول لك:
إن شئت وقفت في يوم القيامة تشفَع فيمن أحببت وإن شئت مضيْت.
وقد ألَّفتُ تأليفاً سميته الوثيق في نصرة الصديق.
وبالجملة فالصحابة كلهم عدول لا يجحد عدالتهم إلا منافق مبتدع، وكيف لا والله يقول:(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ، فرضي الله عنهم وعمَن رضي عنهم وأحبَّهم.
(يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) :
الخطاب لنبينا صلى الله عليه وسلم.
ولما نزلت قال: لا أَرضَى أنْ يَبقَى أحد من أمَّتي في النار.
فقال الله له: لا بدّ من نفاذ الوعيد على طائِفةٍ.
فطلب فيهم الشفاعة.
والصحيح أنَّ هذا وعْد يعمّ كلَّ ما أعطاه الله في الدنيا من النصر، والفتوح، وكثرة المسلمين، وغير ذلك، وفي الآخرة من الوسيلة، والدرجة الرفيعة، والمقام المحمود الذي لا ينَالُه أحد.
فإن قلت: ما فائدة الامتنان عليه باليتم؟
والجواب: لئلا يكون عليه حقّ لمخلوق، ولما مات أبوه تركه في بطْنِ مولاتنا
آمنة، ثم ماتت وهو ابْنُ خمسة أعوام، وقيل ثمانية، فكفله جدُّه عبد الطلب، ثم مات وتركه ابْنَ اثنتي عشرة سنة، فكفله عمُّه أبو طالب، ورام المعاندون قَتْله وخموده فلم يَقْدروا عليه لحِفْظِ الله له صبيّاً وكَهْلاً، فلهذا عدّد نِعَمَه عليه سبحانه كما قدمنا.
(يتلو صُحُفاً مُطهَّرة) .
الضمير لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه يتلو القرآن في صحُف مطهرة.
وقد قدمنا معناها.
(يومئذ تحَدِّثُ أخبارَها) .
هذه عبارة عما يحْدث الله فيها من الأهوال، فهو مجازٌ وحديث بلسان الحال.
وقيل: هو شهادتها على الناس بما عملوا على ظَهرها، فهو حقيقة.
وتحدّث يتعدَّى إلى مفعولين، حذف الأول منها.
والتقدير تحدث الخَلْقَ أخبارها.
وانتزع بعض المحدثين من قوله: (تحدث أخبارها) أن قول المحدِّث: حدثنا، وأخبرنا سواء.
وهذه الجملة في جواب: (إذا زلزلت الأرضُ) ، و (تحدث) هو العامل في إذا، و (يومئذ) بدل من (إذا) .
ويجوز أن يكونَ العامل في (إذا) مضمر و (تحدث) عامل في (يومئذ) .
(يَوْمئذ يصْدر الناس أشتاتاً ليُرَوْا أعمالَهم) .
أي مختلفين في أحوالهم، وصدر الناس هو انصرافهم من موضع وردهم.
فقيل الورد هو الدفن في القبور والصدر هو القيام للبعث.
وقيل الورد القيام للمحشر، والصدر الانصراف إلى الجنة أو النار، وهذا أظهر.
وفيه يَعْظم التفاوت بين أحوال الناس، فيظهر كونهم أشتاتاً.
(يوم يكون الناسُ) :
العامل في الظرف محذوف دلَّ عليه القارعة.
تقديره في يوم.
(يحسب أنَّ ماله أخلده) .
أي يظنَّ بفَرْطِ جَهْله واغتراره أنَّ مالَه يخلّده في الدنيا.
وقيل: يظن أنَّ ماله يوصِّله إلى دار الخلد.
واختلف على من يعود الضمير من الكفار على أقوال.
(يدعّ اليَتِيم) .
أي يدفَعه بعُنْف، وهذا يحتمل أن يكونَ عن إطعامه والإحسان إليه، وعن ماله وحقوقه، وهذا أشدّ.
(يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) :
هذه الجملة في جواب (أَرَأَيْتَ) ، لأنَّ معناها أخبرني، فكأنه سؤالٌ وجواب.
والمعنى انظر الذي يكذب بالدين تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة والأعمال
السيئة، وإنما ذلك لأنَّ الدين يحمل صاحِبه على الحسنات، وترك السيئات.
فمقصود الكلام ذَمُّ الفاعل لذلك.
قال الجنيد: عرضت نفسي ليلة على هذه السورة، فلم أجد فيها ذلك، ثم عرضت عليها (قد أفلَحَ المُؤْمِنُون) إلى قوله:(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ)، فقلت: سبحانك لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، فسمعت هاتفاً يقول: من الذين (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) .
هذا الجنيد فكيف حالك يا خويْد؟!!
(يُرَاءُونَ) الناس، فكانت صلاتهم للناس لا لله، فلذلك ذمَّهم الله في الدنيا وعذّبهم في الآخرة، وفي هذا تحذير لمن اتَّصفَ بصفتهم، فالأحْمَق مَنْ يعمل لرضا الناس، وهو لا يُدرك، وأجهلُ الناس مَنْ طلب ما لا يُدرك، وعن قريب يظهر له فِعله.
وهذا يختلف باختلاف المقاصد، لأن مَنْ عمل لإظهار الله جميله وستره قبيحه، أو لأنه يفعل به ذلك في الآخرة، أو لقُدْوتهم به أذلَّه مثل أجورهم، أو فرح بثنائهم لحبهم الطاعة والمطيع وسلامتهم من أضدادها، أو ليعرف حبَّ ربه تعالى إذا أحبه حَبَّبَهُ إلى عباده، أو لئلا يشغله ذمهم ونحوه فحسن.
(يَمْنَعون المَاعُون) :
قد قدمنا في حرف الميم أن هذا وصف لهم بالبخل وقلّة المنفعة للناس، ومَنْ لا ينفع الناس لا ينفعه الله، وأنفَعُ الناسِ عند الله أنفَعُهم للناس إلا إن أوجب الله طردهم وبعدهم وهجرانهم،