الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل في قواعد مُهمّة يحتاج المفسّر إلى معرفتها)
أولها: قاعدة في الضمائر:
ألَّف ابن الأنباري في بيان الضمائر الواقعة في القرآن مجلدين، وأصْلُ وضع
الضمائرِ للاختصار، ولهذا قام قوله:(أعَدّ الله لهم مَغْفِرَةً وأجراً عَظيما)
، مقام خمسة وعشرين كلمة، لو أتى بها مظهرة.
وكذلك قوله: (وقُل للْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ من أبصارهنَّ) :
قال مكي: ليس في كتاب الله آية اشتملت على ضمائر أكثر منها، فإنَّ فيها خمسة وعشرين ضميراً، ومِنْ ثَمَّ لا يعدل إلى المنفصل إلا بعد تعذر المتصل، بأن يقعَ في الابتداء، نحو:(إياك نعبد)، أو بعد (إلا) : نحو: (أمر ألَاّ تَعْبدوا إلَاّ إيَّاه) .
مرجع الضمير
لا بد له من مرجع يعودُ إليه ملفوظا به سابقاً مطابقاً، نحو: (ونادَى نوح
ابْنَه) ، (وعَصَى آدم رَبّه) .
(إذا أخْرجَ يدَهُ لم يَكدْ يَرَاها) .
أو متضمناً له، نحو:(اعْدِلُوا هو أقرب للتَقْوى) ، فإنه عائد على العَدْل المتضمّن له (اعدلوا) .
(وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) .
أي المقسوم، لدلالة القسمة عليه، أو دالل عليه بالالتزام، نحو:(إنّا أنزلناه في لَيْلَةِ القَدْر) ، أي القرآن، لأن الإنزال يدلّ عليه التزاماً.
(فمن عُفِيَ له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأدَاء إليه بإحسان) .
فعُفي يستلزم عافياً أُعيد عليه الهاء من (إليه) .
أو متأخر لفْظاً ورتبةً مطابقا، نحو:(فأوْجَس في نفسهِ خِيفةً موسى) .
(ولا يُسْالُ عن ذنوبِهم المجرمون) .
(فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) .
أو رتبة أيضاً في باب ضمير الشأن والقصة، ونعم، وبئس.
والتنازع، أو متأخراً دالاًّ بالالتزام، نحو:(فلولا إذا بلغَتِ الْحُلْقوم) .
(كلا إذا بَلَغتِ التَرَاقي) : أضمر الروح أو النفس، لدلالة الحلقوم والتراقي عليها.
(حتى توارَتْ بالحجاب) ، أي الشمس لدلالة الحجاب عليها.
وقد يدلّ عليه السياق فيضمر ثقة بفَهْمِ السامع، نحو: (كل مَنْ عليها
فان) .
(ما ترك على ظَهْرِها) ، أي الدنيا.
(ولَأبَوَيْه) ، أي الميت، ولم يتقدم له ذِكر.
وقد يعود على لفظِ المذكور دونَ معناه، نحو:(وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ) ، أي معمَّر آخر.
وقد يعود على بعض ما تقدم، نحو:(يوصيكم الله في أولادكم) ..، إلى قوله:(فإن كُنّ نساءً) .
(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)، بعد قوله:(والمطلقات) ، فإنه خاصّ بالرجعيات.
والعائد عليه عامّ فيهنَّ وفي غيرهن.
وقد يعود على المعنى، كقوله في آية الكلَالة:(فإنْ كانتَا اثنتين) ، ولم يتقدم لفظ مثنى يعود عليه.
قال الأخفش: لأن الكلَالَة تَقع على الواحد والاثنين والجمع، فثنّى الضمير الراجعَ إليها حَمْلاً على المعنى، كما يعود الضمير جَمْعاً على " مَن " حمْلاً على معناها.
وقد يعود على لفظ شيء، والمراد به الجنس من ذلك الشيء.
قال الزمخشري كقوله: (إنْ يكن غنيًّا أو فَقِيراً فالله أوْلَى بهما) ، أي بجنْس
الفقير والغني، لدلالة غنياً أو فقيراً على الجنسين، ولو رجع إلى المتكلم به لوحَّده.
وقد يذكر شيئان ويعَاد الضمير إلى أحدهما، والغالب كونه الثاني نحو:
(واستَعِينوا بالصبْر والصلاة وإنها لَكَبِيرة إلا على الْخَاشِعين) .