الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحديث متواتر، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة وعشرين صحابيًا، وانظر بيان ذلك في "فتح الباري"(12/ 39)، "والأزهار المتناثرة" للسيوطي (ص 219).
10 - باب: عدّة المُختارة
813 -
أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر (1) قراءةً عليه: نا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل بمكّة سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين: نا محمَّد بن بكّار: نا أبو مَعشر عن هشام بن عروة عن أبيه.
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلَ عدّةَ بَرِيرَةَ عِدَّةَ المُطَلَّقةِ حين فارقها (2) زوجُها.
أخرجه أبو يعلى (رقم: 4921) عن شيخه محمَّد بن بكّار به.
وأخرجه الدارقطني (3/ 294) والبيهقي (7/ 451) من طريق ابن بكّار به.
وأخرجه البزار (كشف- 1518) عن شيخه حُميد بن الربيع عن أَسيد بن زيد عن أبي مَعْشر به بلفظ: جعل عدة بريرة عدَّة الحرّة. وقال: "لا نعلم رواه هكذا إلَّا أبو معشر".
وأبو معشر هو نَجيج بن عبد الرحمن السِّنْديّ ضعيف كما في التقريب.
وقال الهيثمي (5/ 3) بعد ما عزاه للبزار وحده دون أبي يعلى: "وفيه حُميد بن الربيع، وثّقه أحمد، وضعّفه غيره". أهـ قلت: ولم يُصِب في إعلاله، فإن علّة الحديث: أبو معشر، وقد رُوي عنه من طريق آخر -كما تقدّم- ليس فيه حميدٌ.
(1) في (ظ): (علي بن يعقوب بن أبي العقب).
(2)
كذا في الأصل و (ش) وأبي يعلى والدارقطني، وفي (ظ) و (ر) والبيهقي:(فارقت)، ولعلّه الأصحّ.
وأخرجه ابن ماجه (2077) قال: ثنا علي بن محمَّد: ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: أُمِرت بَريرة أن تعتدّ بثلاث حِيَضٍ.
قال البوصيري في "الزوائد"(1/ 357): "هذا إسنادٌ صحيح، رجاله موثقون". أهـ.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في "المحرّر"(ص 185): "رواته ثقات، وقد أعِلّ". أهـ وقال الحافظ في "بلوغ المرام"(ص 139): "رواته ثقات، لكنّه معلول". أهـ.
قلت: والعلّة التي أشارا إليها في متن الحديث، وقد بيّنها الحافظ ابن القيّم في "تهذيب السُّنَن" (3/ 147):"وهذا مع أنّه إسناد الصحيحين، فلم يروه أحد من أهل الكتب الستة إلّا ابن ماجه، ويبعدُ أن تكون الثلاث حيض محفوظة، فإن مذهب عائشة أن الأقراء: الأطهار. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تستبرىء بحيضة كما تقدّم، فهذه أولى. ولأنّ الأقراء الثلاث إنّما جعلت في حقّ المطلَّقة ليطولَ زمنُ الرجعة، فيتمكّن زوجُها من رجعتها متى شاء". ثم قال: "وبالجملة: فالأمرُ بالتربُّص ثلاثة قروءٍ إنّما هو للمطلقة، والمُعتَقةُ إذا فَسَخَت فهي بالمختلعة والأمةِ المستبرأة أشبه، إذِ المقصود براءة رَحِمها. فالاستدلالُ على تعدّد الأقراء في حقها بالآية غير صحيح؛ لأنّها ليست مُطلّقة، ولو كانت مطلقة لثبت لزوجها عليها الرّجعة. وأمّا الأحاديث في هذه اللفظة ففي صحتها نَظَرٌ". أهـ.
وقال في "الزاد"(5/ 628): "قالوا: وقد رُوي هذا الحديث بثلاثة ألفاظ: (أُمِرت أن تعتدّ)، و (أُمِرت أن تعتدّ عدة الحرّة) و (أمرت أن تعتدّ ثلاثَ حِيَضٍ). فلعلّ رواية من روى:(ثلاث حيض) محمولةٌ على المعنى. ومن العجب أن يكون عند عائشة رضي الله عنها هذا وهي تقول: (الأقراء: الأطهار)!. وأعجبُ منه أن يكون هذا الحديث بهذا السند المشهور الذي
كلُّهم أئمة، ولا يخرّجه أصحاب الصحيح، ولا المسانِد، ولا من اعتنى بأحاديث الأحكام وجمعها، ولا الأئمة الأربعة!. وكيف يَصبِر عن إخراج هذا الحديث من هو مضطرٌّ إليه، ولا سيما بهذا السند المعروف الذي هو كالشمس شهرةً! ". أهـ.
ثم أجاب هو (5/ 648) عن مخالفة عائشة لما روته، فقال: (ولا ريبَ أن هذا يورث شبهةٌ في الحديث، ولكن ليس هذا بأول حديثٍ خالفه راويه، فكان الاعتبار بما رواه لا بما ذهب إليه، وهذا هو الجواب عن ردّكم لحديث عائشة بمذهبها". أهـ.
ومال الحافظ في "الفتح"(9/ 405) إلى تقوية الحديث فقال: "الحديث الذي أخرجه ابن ماجه على شرط الشيخين، بل هو في أعلى درجات الصحة، وقد أخرج أبو يعلى والبيهقي من طريق أبي معشر
…
"
فذكر الرواية المتقدمة، ثمّ قال:"وهو شاهدٌ قويٌّ؛ لأن أبا معشر وإن كان فيه ضعفٌ لكن يصلح في المتابعات. وأخرج ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عثمان وابن عمر وزيد بن ثابت وآخرين: أنّ الأمة إذا عَتَقَتْ تحتَ العبدِ فطلاقها طلاق عبدٍ، وعدّتُها عدةُ حرَّة". أهـ.
ويشهد له أيضًا: حديثُ ابن عباس الذي أخرجه أحمد (1/ 361) والدارقطني (3/ 694) -ومن طريقه البيهقي (7/ 451) - من طريق همّام عن قتادة عن عكرمة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتدَّ عدّة الحرّة. وإسناده صحيح.
والذي يترجّح صحة الحديث -إن شاء الله- لوجود ما يشهد له. وما أُعِلَّ به من كونه غير مخرَّجٍ في كتب مشهورة غير قادح، إذ ليس من شروط الصحيح كونه في كتاب مشهور، والعلم عند الله تعالى.