الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد فسر عَبيدَةُ السلماني قول اللَّه عز وجل: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنّ} بأنها تدنيه من فوق رأسها، فلا تظهر إلا عينها، وهذا كان بعد نزول الحجاب، وقد كن قبل الحجاب يظهرن بغير جلباب، ويرى من المرأة وجهها وكفاها، وكان ذلك ما ظهر منها من الزينة في قوله عز وجل:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} . ثم أمرت بستر وجهها وكفيها
…
إلى أن قال: فصارت المرأة الحرة لا تخرج بين الناس إلا بالجلباب؛ فلهذا سُئل النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر النساء بالخروج في العيدين، وقيل له: المرأة منا ليس لها جلباب؟ فقال: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها» يعني تعيرها جلباباً تخرج فيه
…
إلى أن قال: فإن الجلباب إنما أمر به للخروج بين الناس؛ لا للصلاة، ويدل عليه: أن الأمر بالخروج دخل فيه الحيَّض وغيرهن، وقد تكون فاقدة الجلباب حائضاً، فعلم أن الأمر بإعارة الجلباب إنما هو للخروج بين الرجال
…
وليس من باب أخذ الزينة للصلاة؛ فإن الحرة تصلي في بيتها بغير جلباب بلا خلاف» (1).
الدليل الرابع عشر: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ
(1) فتح الباري، لابن رجب، 2/ 351، برقم 351.
رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» (1).
قال الإمام النووي رحمه الله: «هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان، وهما موجودان، وفيه ذم هذين الصنفين.
قيل: معناه: كاسيات من نعمة اللَّه، عاريات من شكرها.
وقيل: معناه: تستر بعض بدنها، وتكشف بعضه إظهاراً [لجمالها] ونحوه، وقيل: معناه: تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها.
وأما مائلات فقيل: معناه: عن طاعة اللَّه، وما يلزمهن حفظه، مميلات: أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم، وقيل: مائلات: يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن، وقيل: مائلات: يمشطن المشطة المائلة، وهي مشطة البغايا، مميلات، يمشطن غيرهن تلك المشطة، ومعنى:«رؤوسهن كأسنمة البخت» أن يكبرنها، ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها» (2).
وقال القاضي عياض رحمه الله: «كاسيات عاريات،
…
إلخ:
فيها ثلاثة أوجه: أحدها: كاسيات من نعم اللَّه تعالى، عاريات من الشكر.
الثاني: كاسيات: يكشفن بعض جسدهنّ، ويسبلن الخُمر من ورائهن، فتنكشف صدورهن، فهن كاسيات بمنزلة العاريات، إذا
(1) مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، برقم 2128.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 110، وفيض القدير للمناوي، 4/ 209، برقم 5045.