الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسؤولية الوطنية كمجندات يتدربن على الحرب، ولكن من يقول للجائع ظل في المطبخ العامر بالأطايب، دون أن تأكل، ومن يقول للظمآن: أقم على شاطئ المنهل، دون أن تشرب، ومن يقول للعاري: انظر إلى معارض الألبسة والأغطية، دون أن تكتسي، ومن يستطيع أن يكتم فم المتثائب، ويختم على أنف العاطس، تلك بلا ريب مستحيلات فوق طاقة البشر» (1). (2).
الحادي والثلاثون: الاختلاط من أكبر الأسباب الموصلة إلى الزنا:
لَمَّا حرَّم اللَّه الزنى حَرَّم الأسباب المفضية إليه؛ لأن قاعدة الشرع المطهّر: أن اللَّه سبحانه إذا حرّم شيئاً حرّم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه؛ تحقيقاً لتحريمه، ومنعاً من الوصول إليه، أو القرب من حماه، ووقاية من اكتساب الإثم، والوقوع في آثاره المضرة بالفرد والجماعة.
ولو حرَّم اللَّه أمراً، وأبيحت الوسائل الموصلة إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم، وحاشا شريعة رب العالمين من ذلك.
وفاحشة الزنا من أعظم الفواحش، وأقبحها وأشدها خطراً وضرراً وعاقبةً على ضروريات الدين، ولهذا صار تحريم الزنا معلوماً من الدين بالضرورة.
(1) نقلاً من كتاب الاستيعاب فيما قيل في الحجاب، ص 261 - 262.
(2)
انظر: الاختلاط أصل الشر، ص 76 - 101.
قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَقَرْبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} (1).
ولهذا حرِّمت الأسباب الموصلة إليه من: السفور ووسائله، والتبرج ووسائله، والاختلاط ووسائله، وتشبه المرأة بالرجل، وتشبهها بالكافرات .. وهكذا من أسباب الرِّيبة، والفتنة، والفساد» (2).
قال ابن القيم: «لمّا كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها، معتبرة بها
…
فإذا حرم الرب تعالى شيئاً، وله طرق ووسائل تفضي إليه؛ فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقاً لتحريمه وتثبيتاً له، ومنعاً أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم، وإغراء للنفوس به، وحكمته تعالى، وعلمه يأبى ذلك كل الإباء
…
وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال؟ ومن تأمّل مصادرها ومواردها علم أن اللَّه تعالى ورسوله سدّ الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها» (3).
(1) سورة الإسراء، الآية:32.
(2)
حراسة الفضيلة، لبكر أبو زيد، ص 94.
(3)
إعلام الموقعين، 3/ 121.