الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* فعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عز وجل إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ» (1) الحديث.
إن الغيرة على حرمة العفة ركن العروبة، وقوام أخلاقها في الجاهلية والإسلام؛ لأنها طبيعة الفطرة البشرية الصافية النقية؛ ولأنها طبيعة النفس الحرة الأبية.
ثامناً: فضائل الحجاب الجامعة:
وإذا أردت أن تعرف فضل الحجاب وستر النساء وجوههن عن الأجانب، فانظر إلى حال المتحجبات: ماذا يحيط بهن من الحياء، والبعد عن مزاحمة الرجال في الأسواق، والتصوُّن التامّ عن الوقوع في الرذائل، أو أن تمتد إليهن نظرات فاجر؟ وإلى حال أوليائهن: ماذا لديهم من شرف النفس، والحراسة لهذه الفضائل في المحارم؟ وقارن هذا بحال المتبرجة السافرة عن وجهها التي تُقَلِّب وجهها في وجوه الرجال، وقد تساقطت منها هذه الفضائل بقدر ما لديها من سفور وتهتك، وقد ترى السافرة الفاجرة تحادث أجنبيَّاً فاجراً، تظن من حالهما
(1) أخرجه النسائي، 5/ 80، برقم 2562، واللفظ له، وفي الكبرى له أيضاً، 2/ 42، برقم 2354، والإمام أحمد، (2/ 134)، وابن خزيمة في كتاب التوحيد، ص 549، برقم 755، والحاكم، 1/ 72، والبيهقي في الكبرى، 10/ 226، وفي شعب الإيمان له أيضاً،
13/ 261، والضياء في المختار، 1/ 308، وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 230، برقم 2070.
أنهما زوجان بعقد، أُشْهِد عليه أبو هريرة رضي الله عنه، ولو رآها «الديوث» زوجها وهي على هذه الحال، لما تحركت منه شعرة؛ لموات غيرته، نعوذ باللَّه من موت الغيرة، ومن سوء المنقلب.
وأين هؤلاء الأزواج من أعرابي رأي من ينظر إلى زوجته، فطلّقها غيرة على المحارم، فلما عُوتب في ذلك، قال قصيدته الهائية المشهورة، ومنها:
وأترك حبَّها من غير بغضٍ
…
وذاك لكثرة الشركاءِ فيه
إذا وقع الذبابُ على طعامٍ
…
رفعتُ يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسودُ ورودَ ماءٍ
…
إذا رأتِ الكلابَ وَلَغنَ فيه (1)
وأين هؤلاء الأزواج من عربية سقط نصيفها -خمارها- عن وجهها، فالتقطته بيدها، وغطَّت وجهها بيدها الأخرى، وفي ذلك قيل:
سَقَطَ النَّصِيفُ ولم ترد إسقاطه
…
فتناولته واتَّقَتْنا باليد
وأعْلَى من ذلك وأجلُّ: ما ذكره اللَّه سبحانه في قصة ابنتي شيخ مدين: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} (2)، فقد جاء عن عمر
(1) أورده الدميري في حياة الحيوان الكبرى، 1/ 11، ولم ينسبه لشاعر معين، بينما ذكر الأبيات صاحب المستطرف، 1/ 104، باختلاف في البيت الأول، وأورد الأبيات في قصة طويلة طريفة، ونسبها لامرأة رجل اسمه فيروز، غلام أحد الملوك، وكذلك أوردها في غذاء الألباب، 2/ 42، ولم ينسبها لأحد.
(2)
سورة القصص، الآية:25.
- رضي الله عنه بسند صحيح أنه قال: «جاءت تمشي على استحياء قَائِلَةً بثوبها على وجهها، لَيْسَت بِسَلْفَعٍ مِن النساء ولاّجةً خرَّاجة» . والسَّلْفع من النساء: الجريئة السليطة، كما في تفسير ابن كثير رحمه الله (1).
وفي الآية أيضاً من الأدب والعفة والحياء، ما بلغ ابنة الشيخ مبلغاً عجيباً في التحفُظ والتحرُز، إذ قالت:{إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (2)، فجعلت الدعوة على لسان الأب، ابتعاداً عن الرَّيب والرِّيبة (3).
(1) تفسير ابن كثير، 3/ 384.
(2)
سورة القصص، الآية:25.
(3)
حراسة الفضيلة، للعلامة بكر أبو زيد، ص 115 - 116.