الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عائشة السابق، وذلك لتخالف متن الحديثين، ولإعضال هذا الحديث كما رأيت (1).
الشبهة الثالثة: ما جاء عن أسماء ابنة عميس أنها قالت:
«دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما وَعِنْدَهَا أُخْتُهَا أَسْمَاءُ بنت أبي بكر رضي الله عنها، وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ شَامِيَّةٌ وَاسِعَةُ الأَكْمَامِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَخَرَجَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ رضي الله عنها: تَنَحَّيْ، فَقَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرًا كَرِهَهُ، فَتَنَحَّتْ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لِمَ قَامَ؟ قَالَ: «أَوَلَمْ تَرَيْ إِلَى هَيْئَتِهَا؟ إِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا إِلَاّ هَكَذَا» ، وَأَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَغَطَّى بِهِمَا ظَهْرَ كَفَّيْهِ حَتَّى لَمْ يَبْدُ مِنْ كَفِّهِ إِلَاّ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ نَصَبَ كَفَّيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ حَتَّى لَمْ يَبْدُ إِلَاّ وَجْهُهُ» (2).
(1) وقد تعقب العلامة الألباني الشيخ أبا الأعلى المودودي: في تقويته هذا الحديث بمرسل قتادة، ثم احتجاجه بهما على أن المرأة عورة كلها إلا الوجه واليدين على جميع الناس حتى على الأب والأخ وسائر المحارم! غير أن مدار المساجلة كان حول لفظ لم أعثر عليه في مظانه من تفسير ابن جرير، وكلا الشيخين لم يعزه إلى موضعه فيه، واللفظ المشار إليه: عن ابن جريج قال: «خرجت لابن أخي عبد اللَّه بن الطفيل مزينة، فكرهه النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنه ابن أخي يا رسول اللَّه، فقال: «إذا عركت المرأة لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها إلا ما دون هذا» ، وقبض على ذراع نفسه»، وبين الألباني: مخالفة لفظ الحديث لنص القرآن {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية، وفيها:{أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ} ثم قال: «فهي - أي الآية - صريحة الدلالة على جواز إبداء المرأة زينتها لابن أخيها، فكان الحديث منكرَاً من هذه الجهة أيضًا» حجاب المرأة المسلمة، هامش ص 18.
(2)
السنن الكبرى، 7/ 86، والطبراني في الأوسط، 8/ 199.
قال البيهقي: «إسناده ضعيف» (1).
وعلة هذا الحديث ابن لَهِيعة، واسمه عبد اللَّه الحضرمي أبو
عبد الرحمن المصري القاضي، وهو ثقة فاضل، لكنه كان يحدث من كتبه فاحترقت، فحدث من حفظه فخلط (2).
قال ابن حبان: «سبرت أخباره، فرأيته يدلس على أقوام ضعفاء على أقوام ثقات قد رآهم» (3).
وقال الألباني: «ضعيف من قبل حفظه» (4)، وقال أيضًا:«وبعض المتأخرين يحسن حديثه، وبعضهم يصححه» (5).
ومن حسَّن حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه عنها خالد بن دريك، إنما حسنه - رغم انقطاعه - باعتبار حديث أسماء بنت عميس - هذا رغم ضعفه - شاهداً موصولًا له.
ولو سلَّمنا بتحسين الحديثين، لكان الجواب عن حديث أسماء هذا كالجواب عن حديث عائشة رضي الله عنها، تماما كما تقدم في الشبهة الأولى، والعلم عند اللَّه تعالى (6).
(1) السنن الكبرى، 7/ 86.
(2)
فمن حدث عنه قبل احتراق كتبه كالعبادلة وغيرهم فحديثه قوي، ومن روى عنه بعد احتراق كتبه فحديثه ضعيف، إلا أن يجبره وجه آخر.
(3)
الضعفاء الصغير، ص 66، والضعفاء والمتروكون، ص 95.
(4)
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، برقم 319، ورقم 461.
(5)
حجاب المرأة المسلمة، ص 25.
(6)
انظر: عودة الحجاب، ص 355.