الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَسْتَأْذِنُ عَلَى أَخَوَاتِي أَيْتَامٍ فِي حِجْرِي مَعِي فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ لِيُرَخِّصَ لِي فَأَبَى، فَقَالَ: تُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ، قَالَ: فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا مِنِ امْرَأَةٍ أَكْرَهُ إِلَيَّ أَنْ أَرَى عَوْرَتَهَا مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ، قَالَ: وَكَانَ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ الْأَوْدِيَّ الْأَعْمَى أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: عَلَيْكُمُ الْإِذْنَ عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ» (1).
اهـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى مَنْ ذَكَرْنَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى (2).
تاسعاً: الأفضل أن يستأذن الرجل على امرأته:
قال العلامة الشنقيطي: «اعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا امْرَأَتُهُ، أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} ؛ وَلِأَنَّهُ لَا حِشْمَةَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، وَيَجُوزُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْمُلَابَسَاتِ مَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ غَيْرِهِمَا، وَلَوْ كَانَ أَبًّا أَوْ أُمًّا أَوِ ابْنًا، كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَدُلُّ لَهُ الْأَثَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيهِ طَلْحَةَ عَلَى أُمِّهِ، فَزَجَرَهُ طَلْحَةُ عَنْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى أُمِّهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، مَعَ أَنَّ
(1) تفسير القرآن العظيم، 10/ 209.
(2)
أضواء البيان، 6/ 180.
طَلْحَةَ زَوْجَهَا دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ» (1).
وَقَالَ الإمام ابْنُ كَثِيرٍ: «وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: لَا، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ، وَلَا يُفَاجِئَهَا بِهِ; لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُحِبُّ أَنْ يَرَاهَا عَلَيْهَا» ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ (2) بِسَنَدِهِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَتْ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ تَنَحْنَحَ وَبَزَقَ، كَرَاهَةَ أَنْ يَهْجُمَ مِنَّا عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، قَالَ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ» (3).
ويؤيد ذلك ما جاء في الصحيحين «عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ» (4)، وفي الحديث الآخر «عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلاً - أَيْ عِشَاءً - كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ» (5).
(1) أضواء البيان، 6/ 180.
(2)
تفسير الطبري، 18/ 88.
(3)
تفسير القرآن العظيم، 10/ 210، وأضواء البيان، 6/ 180.
(4)
البخاري، كتاب النكاح، باب لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة، 7/ 39، برقم 5243، و5244، ومسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الطروق، وهو الدخول ليلاً لمن ورد من سفر، 3/ 1528، برقم 715، واللفظ له.
(5)
البخاري، كتاب النكاح، باب تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة، 7/ 39، برقم 5247، ومسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الطروق، وهو الدخول ليلاً لمن ورد من سفر،
3/ 1527، برقم 715، واللفظ له.