الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال العلامة حمود التويجري رحمه الله: «في هذه الأحاديث أيضاً بيان ما كان عليه نساء الصحابة رضي الله عنهم من المبالغة في التستر من الرجال الأجانب؛ ولهذا لم يتمكن جابر، ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهما من النظر إلى المخطوبة إلا من طريق الاختباء والاغتفال، وكذلك المغيرة لم يتمكن من النظر إلى مخطوبته إلا بعد إذنها له في النظر إليها» (1).
فليتأمل ذلك المفتون بسفور النساء، وتكشفهن بين الرجال الأجانب، وليتقوا اللَّه في أمورهم عامة، وفي نسائهم خاصة، وليعلموا أنهم مسؤولون عنهن يوم القيامة، وليحذروا أن يكونوا ممن قال اللَّه تعالى فيهم:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (2).
الدليل السادس والعشرون: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها
(1) الصارم المشهور، ص 202.
(2)
سورة النساء، الآية:115.
(3)
البخاري، كتاب الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام العالم، برقم 867، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها، برقم 645.
وحديث عَائِشَةَ رحمه الله قَالَتْ: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَوَمُنِعْنَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ» (1).
قال العلامة محمد بن العثيمين رحمه الله: «والدلالة في هذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمها على اللَّه عز وجل، وأعلاها أخلاقاً وآداباً، وأكملها إيماناً، وأصلحها عملاً فهم القدوة الذين رضي الله عنهم، وعمن اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى:{وَالسَّبِقُونَ الاْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2)، فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة، فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي في اتباعها بإحسان رضى الله تعالى عمن سلكها واتبعها، وقد قال اللَّه تعالى:{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} (3).
الثاني: أن عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما،
(1) البخاري، كتاب الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام العالم، برقم 869، ومسلم، كتاب الصلاة، باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ وَأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مُطَيَّبَةً، برقم 445.
(2)
سورة التوبة، الآية:100.
(3)
سورة النساء، الآية:115.