الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- رحمه الله قالت: «كنّا مع رسول اللَّه رضي الله عنه إذا مرَّ بنا رَكْبٌ سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزونا رفعناه» (1).
قال العلامة الصنعاني في حاشيته على شرح العمدة بعد ما ذكر الحديث: «لا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين» .
الدليل الرابع: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ
، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا أَسْدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزَنَا كَشَفْنَاهُ» (3).
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: «ففي قولها: فإذا حاذونا تعني الركبان سدلت إحدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفًا حتى عند الركبان، وبيان ذلك أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر
(1) فتح الباري، لابن حجر، 3/ 406.
(2)
العدة شرح العمدة بحاشية الصنعاني، 3/ 476.
(3)
أخرجه أحمد، 40/ 522، برقم 24021، وأبو داود، برقم 1833، وقال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة، 1/ 107:«حسن في الشواهد» . وتقدم تخريجه.
من أهل العلم، والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب، وتغطية الوجه عند الأجانب، ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن» (1).
وهذا الحديث صريح في شمول الحجاب للوجوه، بل يفيد أن تغطية الوجوه كان هو المقصود بأمر الحجاب، والحديث حكمه عام لجميع نساء المؤمنين؛ فإن المراد بضمائر جمع المتكلم ليست أمهات المؤمنين فحسب كما يزعمه الزاعمون، والدليل على ذلك أن عائشة رحمه الله التي روت هذا الحديث، وهي التي كانت تفتي: بأن المرأة المحرمة تسدل جلبابها من فوق رأسها على وجهها.
وروى مالك في الموطأ ما يفيد أن تغطية الوجوه في الإِحرام كان عامًّا في النساء، لا في زمن الصحابة فقط، بل فيما بعدهم أيضَاً، فقد روي عن فاطمة بنت المنذر قالت:«كنا نُخَمِّرُ وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق فلا تنكره علينا» (2).
وهذا العموم هو الذي فهمه العلماء في حديث عائشة.
(1) رسالة الحجاب، ص 18 - 19.
(2)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ، برقم 16، وابن خزيمة، برقم 2690، والحاكم، 1/ 45، وصححه، ووافقه الذهبي، وتقدم تخريجه.