الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: الفتاوى المحققة المعتمدة في الحجاب والتبرج والسفور
أولاً: فتاوى الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية سابقاً
رحمه الله
1 - (2640 - استفتاء عن حكم كشف المرأة وجهها ويديها للرجال الأجانب
، وعن معنى آيات في الحجاب، وعن جواز اختلاط النساء بالرجال).
من محمد بن إبراهيم إلى صاحب الفضيلة
رئيس المحكمة الكبرى بأبها
…
سلّمه اللَّه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
…
وبعد
بالإشارة إلى خطابكم لنا رقم 4619 وتاريخ 9 - 8 - 78هـ وبرفقة الاستفتاء المقدم من محمد مرعي علي القحطاني وصل وقد سأل فيه عما يأتي:
الأول: ما معنى قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرُهِنَّ عَلَى جُيُوبِهُنَّ} (1)؟
الجواب: اختلف المفسرون في معنى هذه الآية، على أقوال:
الأول: روى الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وسعيد بن منصور في سننه وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم بأسانيدهم، عن ابن مسعود أنه قال:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الزينة
(1) سورة النور، الآية:31.
السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة {إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الثياب والجلباب.
الثاني: روى عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد في تفسيره بسنديهما، عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال: هو خضاب الكف، والخاتم.
الثالث: روى ابن أبي شيبة في مصنفه وابن أبي حاتم في تفسيره بسنديهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال في قوله:{إلا ما ظهر منها} الوجه، والكفان، والخاتم. وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن عكرمة في قوله:{إلا ما ظهر منها} قال الوجه والكفان، وبه قال سعيد بن جبير، وعطاء.
وروى أبو داود والبيهقي في سننهما بسنديهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت:«إن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها، وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفه» (1).
وروى أبو داود في المراسيل عن قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن
(1) ضعف هذا الحديث كثير من العلماء؛ لأنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة، وهو لم يسمع منها، فهو منقطع. وقال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث: هذا مرسل، خالد لم يدرك عائشة، ثانياً لأن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته. وعلة ثالثة وهي عنعنه قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس، ورابعة أنه شاذ من هذا الوجه، فليس له شاهد من حديث غيره.
الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل» (1).
إذا علمت ما سبق من الأقوال، فالراجح منها هو قول ابن مسعود رضي الله عنه، لدلالة الكتاب والسنة على مشروعية التستر للنساء في جميع أبدانهن إذا كن بحضرة الرجال الأجانب.
أما أدلة الكتاب فهي ما يلي:
الأول: قال تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} (2).
وجه الدلالة أن المرأة إذا كانت مأمورة بسدل الخمار من رأسها على وجهها لتستر صدرها، فهي مأمورة بدلالة التضمن أن تستر ما بين الرأس والصدر وهو الوجه والرقبة، وروى البخاري في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: رحم اللَّه نساء المهاجرين الأول لما نزل {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن أزرهن فاختمرن بها.
(1) مراسيل أبي داود، ص 310، وقال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة، ص 47: «رواه أبو داود في كتابه المراسيل، رقم 437، ورواه في سننه عن قتادة، عن خالد بن دريك عن عائشة
…
بلفظ: «إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه» . فهذا بلا شك حديث واحد، مداره على راوٍ واحد، وهو قتادة، إلا أن بعضهم رواه عنهم مرسلًا بلفظ، وبعضهم رواه عنه مسندًا بلفظ آخر، والمعنى واحد، وما علمت أحدًا من أهل الحديث يجعل الحديث الذي رواه راوٍ واحد، تارة مرسلًا، وتارة مسندًا، يجعلهما حديثين بمتنين مختلفين!» وضعفه.
(2)
سورة النور، الآية:31.
و «الخمار» ما تغطي به المرأة رأسها. و «الجيب» موضوع القطع من الدرع والقميص، وهو من الأمام كما تدل عليه الآية لا من الخلف كما تفعله نساء الإفرنج، ومن تشبه بهن من نساء المسلمين.
الثاني: قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1).
قال الراغب في مفرداته، وابن فارس في معجمه: القاعدة لمن قعدت عن الحيض والتزوج.
وقال البغوي في تفسيره: قال ربيعة الرأي: هن العجز اللاتي إذا رآهن الرجال استقذروهن، فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية. انتهى كلام البغوي.
وأما «التبرج» فهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الأجانب، ذكر ذلك صاحب اللسان والقاموس وغيرهما.
وجه الدلالة من الآية أنها دلت بمنطوقها على أن اللَّه تعالى رخص للعجوز التي لا تطمع في النكاح أن تضع ثيابها فلا تلقي عليها جلباباً ولا تحتجب لزوال المفسدة الموجودة في غيرها، ولكن إذا تسترن كالشابات فهو أفضل لهن، قال البغوي:{وإن يستعففن} فلا يلقين الحجاب والرداء {خير لهن} ، وقال أبو حيان
(1) سورة النور، الآية:60.
{وإن يستعففن} عن وضع الثياب ويستترن كالشابات فهو أفضل لهن. انتهى كلام أبي حيان.
ومفهوم المخالفة لهذه الآية أن من لم تيأس من النكاح وهي التي قد بقي فيها بقية من جمال وشهوة للرجال فليست من القواعد ولا يجوز لها وضع شيء من ثيابها عند الرجال الأجانب لأن افتتانهم بها وافتتانها بهم غير مأمون.
الثالث: قال تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (1).
وجه الدلالة أن اللَّه تعالى أمر نساء النبي بلزوم بيوتهن ونهاهن عن التبرج، وهو عام لهن ولغيرهن كما هو معلوم عند الأصوليين أن خطاب المواجهة يعم، ولكن خصهن بالذكر لشرفهن على غيرهن ومن التبرج المنهي عنه إظهار الوجه واليدين.
الرابع: قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (2) المتاع عام في جميع ما يمكن أن يصلب من مواعين وسائر المرافق للدين والدنيا.
وجه الدلالة من الآية أن اللَّه تعالى أذن في مسألة نساء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنه أصول الشريعة من أن المرأة
(1) سورة الأحزاب، الآية:33.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:53.
عورة: بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها وداء يكون ببدنها وسؤال عما يعرض وتعين عندها، وهذا يدل على مشروعية الحجاب؛ ولهذا قال:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (1) يريد الخواطر التي تعرض للنساء في أمر الرجال. وبالعكس: أي ذلك أنفى للريبة، وأبعد للتهمة، وأقوى في الحماية، وهذا يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له.
الخامس: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (2).
وجه الدلالة من الآية ما رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه في تفاسيرهم بأسانيدهم، عن ابن عباس رضي الله عنهما وعبيدة السماني رضي الله عنه، أنهما قالا: أمر اللَّه نساء المسلمين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة. انتهى كلامهما.
وقوله: (عَلَيْهِنَّ) أي من على وجوههن؛ لأن الذي كان يبدو في الجاهلية منهن هو الوجه. والجلابيب جمع جلباب. قال ابن منظور في «لسان العرب» نقلاً عن ابن السكيت أنه قال: قالت العامرية:
(1) سورة الأحزاب، الآية:53.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:59.
الجلباب الخمار. وقال ابن الأعرابي: الجلباب الإزار، لم يرد به إزار الحقو، ولكنه أراد إزاراً يشتمل به فيجلل جميع البدن، وكذلك إزار الليل وهو كثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جسده كله. انتهى كلام ابن منظور. وفي صحيح مسلم عن أم عطية رضي الله عنها:«قالت: يا رسول اللَّه، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها» (1)، وقال أبو حيان في تفسيره: كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة وهما مكشوفتا الوجه في درع وخمار، وكان الزناة يتعرضون لهن إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والمحيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة يقولون حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهن زي الإمام بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن.
وإذ قد أتينا على الأدلة من الكتاب فيحسن أن نختم الكلام عليها بكلام لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم عبد السلام ابن تيمية يتعلق بهذه الآيات. قال رحمه الله: «والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة؟ على قولين، فقال ابن مسعود ومن وافقه هو ما في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم. قال: وحقيقة الأمر أن اللَّه جعل الزينة زينتهن: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة وجوَّز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذي المحارم.
(1) مسلم، برقم 890، تقدم تخريجه.
وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذي المحارم. وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا حجاب يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل اللَّه عز وجل آية الحجاب بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} حجب النساء عن الرجال وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، فأرخى النبي صلى الله عليه وسلم الستر ومنع أنساً من أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك على خيبر قالوا إن حجبها فهي من نساء المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها، فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، «والجلباب» هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره (الرداء)، وتسمية العامة (الإزار الكبير) الذي يغطي رأسها ويستر بدنها، وقد حكى عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، وجنسه «النقاب» ، فكان النساء ينتقبن، وفي الصحيح «أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين» (1)، وإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه بالنقاب كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن
(1) أخرجه البخاري، برقم 1838، وتقدم تخريجه.
عباس أول الأمرين» (1). انتهى كلام شيخ الإسلام.
وأما الأدلة من السنة فنقتصر منها على ما يأتي:
الدليل الأول: عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها كانت عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع ميمونة، قالت:«بينما نحن عندها أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعد أن أمر بالحجاب، فقال صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه، فقلت: يا رسول اللَّه، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أوعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟!» . رواه الترمذي وغيره (2). وقال بعد إخراجه: «حديث حسن صحيح» ، وقال ابن حجر: إسناده قوي» (3).
[الدليل] الثاني: عن أنس رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرت نساء المؤمنين بالحجاب؟ فأنزل اللَّه آية الحجاب» (4).
[الدليل] الثالث: عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه» رواه الإمام
(1) مجموع الفتاوى، 22/ 109.
(2)
أخرجه الإمام أحمد، 44/ 159، برقم 26537، وأبو داود، كتاب اللباس، باب في قوله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهُنَّ} برقم 4112، والترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في احتجاب النساء، برقم 2778، وصححه ابن الملقن في البدر المنير،
7/ 512، بينما ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي، 1/ 332.
(3)
فتح الباري، 9/ 337.
(4)
البخاري، برقم 402، ومسلم، برقم 2399، وتقدم تخريجه.
أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وغيرهم (1).
[الدليل] الرابع: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة ، فقال: «ردوها فلتختمر، ولتركب ولتصم ثلاثة أيام» ، رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، وقال الترمذي بعد إخراجه:«هذا حديث حسن» (2).
أما وجه الدلالة من الأحاديث الثلاثة الأول فظاهر، وأما الرابع فوجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالاختمار؛ لأن النذر لم ينعقد فيه؛ لأن ذلك معصية، والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار.
[الدليل] الخامس: عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرأة عورة» ، رواه الترمذي، والبراز، وابن أبي الدنيا، والطبراني، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وقال الترمذي:«حديث حسن صحيح غريب» (3)، وقال المنذري:«رجاله رجال الصحيح» .
والمقصود أن الأدلة الدالة على جواز كشف الوجه واليدين نسخت بالأدلة الدالة على وجوب تستر المرأة كما يدل عليه حديث
(1) أخرجه أحمد، برقم 24021، وأبو داود، برقم 1833، وقال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة، 1/ 107:«حسن في الشواهد» . وتقدم تخريجه.
(2)
رواه الإمام أحمد في المسند، برقم 17306، وسنن أبي داود، رقم 3295، وسنن ابن ماجه، برقم 2134، وضعفه الألباني في إرواء الغليل، 8/ 218، برقم 2592، وقال محققو المسند:«صحيح دون قوله: «ولتصم ثلاثة أيام» ، وتقدم تخريجه.
(3)
الترمذي، برقم 1173، وابن خزيمة، 1685، وصححه الألباني في إرواء الغليل، وتقدم تخريجه.
أم سلمة وحديث أنس السابقين (1).
[السؤال](الثاني): من المقصود بقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} (2)؟
والجواب: أما المراد بقوله: (أو نسائهن) فقد اختلف فيه المفسرون على قولين:
[القول] الأول: أن المراد بالنساء المسلمات، ويدخل في هذه الإماء المؤمنات، ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم، فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئاً من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها، فلذلك قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يحل لمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفها لزوجها. وأخرج عبد ابن حميد وابن المنذر في تفسيرهما من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس (أو نسائهن) قال: هن المسلمات لا تبدين ليهودية أو نصرانية- وهو النحر والقرط والوشاح وما حوله (3).
وروى سعيد بن منصور في سننه وابن المنذر في تفسيره والبيهقي في سننه (4) عن مجاهد، قال، لا تضع المرأة خمارها أي لا
(1) انظر: ص 474.
(2)
سورة النور، الآية:31.
(3)
انظر: الرد المنثور، 11/ 30.
(4)
السنن الكبرى، 7/ 95.
تكون قابلة عند مشركة، ولا تقبلها، لأن اللَّه تعالى يقول (أو نسائهن) فلسن من نسائهن. وروى سعيد بن منصور، والبيهقي (1) في سننهما، وابن المنذر في تفسيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كتب إلى عبده: أما بعد: فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها (2).
[القول] الثاني: أنه عام في نساء المسلمين وغيرهم، وهذا قول ابن العربي المالكي، وبناه على اللفظ عام، وأن الضمير إنما جاء للاتباع فقط.
والقول الأول أرجح، لما سبق من الأدلة على ذلك.
وأما قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} فظاهر الآية إنها تشمل العبيد والإماء من كان مسلماً ومن كان كتابياً، يدل على ذلك ما رواه أبو داود في سننه بسنده عن أنس رضي الله عنه «أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، قال وعلى فاطمة ثوب إذا غطت به رأسها لم يبلغ إلى رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ إلى رأسها، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى من ذلك قال: «إنه لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك» (3).
(1) السنن الكبرى، 7/ 95.
(2)
انظر: الرد المنثور، 11/ 31، وقوّاها الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة، ص 116، باتفاق المفسرين المحققين.
(3)
انظر: ص 474.