الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسمو بأصحابها في درجات التقوى والكمال؛ لذا كانت علة سؤالهن من وراء حجاب مُفْصِحَةً عن حقيقة هذه الحكمة التي يُراد منها الطهارةُ والعفافُ ونَقَاءُ السريرة.
وقد بيَّنَ القرآن الكريم وسائل إذهابِ الرجس، ووسائلَ التطهير، فوجَّه الخطاب إلى نسوة من أطهر نساء الأرض، وأرفعهن شأنًا، اللاتي عِشْنَ في بيت النبوة، ونَهَلْنَ من آدابه الرفيعة؛ لتكون تلك الأوامر أوقعَ أثرًا في قلوب سواهن، فقال لهن:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1).
تلك هي وسائل التطهير التي يُذهب اللَّه تعالى بها الرجس عن عباده، والتي منها عدم التبرج.
ثانياً: الحجاب صيانة النساء من أذى الفاسقين:
وقد نص القرآن الكريم على ذلك، فقال اللَّه عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} (2).
(1) سورة الأحزاب، الآيتان: 32 - 33.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:59.
ويحكي المفسرون عند هذه الآية أن ناسًا من فساق أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة فيتعرضون للنساء.
فإن رأَوا المرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة فكُفُّوا عنها، وإلَاّ تعرضوا لها ..
ومن هنا ندرك هيبة الحجاب الذي يصدُّ الفاسقين عن المتحجبات، والوقار الذي يخلعه ذلك الشعار الإسلامي على المؤمنات، فيحفظهنَّ من الأذى، ويقيهن من عوادي السوء، ويصونهن من كيد الأشرار، والمتدبر للآية الكريمة السابقة وما جاء بعدها يدرك أن أولئك الماجنين دخلوا في عموم قول اللَّه تعالى الوارد بعد آية إدناء الجلابيب:{لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} (1).
لقد قرنَ اللَّه تعالى هؤلاء بأولئك، لأن الفاسقين الذين يعيثون في الأرض فسادًا يحطمون أخلاق الأمة، والمنافقين والمرجفين يدمرون نظامها، ويَفُلُّون قوتها.
لهذا حسم الإسلام مادة الشر، ففرض على النساء الحجاب،
(1) سورة الأحزاب، الآيتان: 60 - 61.