الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد شرع اللَّه لهن الستر، وأمَرَهُنَّ بالصيانة، فقلن:«سمعنا وعصينا» ، كما كانت عادة الأمة المغضوب عليها.
ويشرح لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جانبًا من فتنة نساء بني إسرائيل، وإلحاحهن على التحيل لبث هذه الفتنة، فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَصِيرَةٌ، تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ (1)، وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، مُغْلَقٍ مُطْبَقٍ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فَلَمْ يَعْرِفُوهَا، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا» (2)
وقد كان نساء العجم من اليهود أو النصارى الذين يعيشون مع المسلمين يحرصن على هذا التبرج، قال سعيد بن أبي الحسن للحسن البصري أخيه:«إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن، قال: اصرف بصرك عنهن: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (3) الآية» (4).
الحادي عشر: التبرج جاهلية منتنة:
قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي
(1) وذلك لتبدو طويلة، تماماً كما يفعل بعض النساء اليوم من لباس ما يسمى بـ (الكعب العالي)، وللغرض نفسه.
(2)
مسلم، كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب كراهة قول الإنسان: خبثت نفسي، برقم 2252.
(3)
سورة النور، الآية:30.
(4)
فتح الباري، 11/ 7.
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (1).
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة (2) أي خبيثة، وأمرنا بنبذها، وقد جاء في صفته صلى الله عليه وسلم أنه {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (3).
وقد تبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل من يدعو بدعوى الجاهلية، فقال:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» (4).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ» (5).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «سُنَّة الجاهِلِيَّة اسم جِنس يَعُمّ جَمِيع ما كانَ أَهل الجاهِلِيَّة يَعتَمِدُونَهُ» (6).
ودعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، كلاهما منتن خبيث،
(1) سورة الأحزاب، الآية:33.
(2)
انظر: صحيح البخاري، برقم 4905، ومسلم، برقم 2584.
(3)
سورة الأعراف، الآية:157.
(4)
رواه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه البخاري، كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود، برقم1297، ومسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود، برقم 103.
(5)
البخاري، كتاب الديات، باب من طلب دم امرئ بغير حق، برقم 6882.
(6)
فتح الباري، 12/ 211.