الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - يمنع من وصول أثر السهم المسموم
الذي قد يكون.
13 - يورث القلب أُنساً باللَّه
.
14 - يسدّ على الشيطان مداخله من القلب
.
15 - يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها
.
16 - يسلم القلب من الفساد؛ لأن النظر منفذ للقلب
، فإذا فسد النظر فسد القلب، وإذا فسد القلب فسد النظر (1).
رابعاً: خطر إطلاق البصر فيما حرم الله عز وجل
-:
قال اللَّه تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (2).
فقد أمر اللَّه عز وجل المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، ولم يذكر اللَّه تعالى ما يُغَض البصر عنه، ويحفظ الفرج، غير أن ذلك معلوم بالعادة، وأن المراد منه المحرم دون المحلل (3).
وتقدم أن الأمر بغضّ البصر عن جميع ما حرم اللَّه على العبد النظر إليه، وأن حفظ الفرج بحفظه من النظر إليه، ويكون تارة بحفظه من الزنا.
(1) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص 158 - 159.
(2)
سورة النور، الآية:30.
(3)
انظر: الجامع لأحكام القرآن، لمحمد بن أحمد القرطبي، 6/ 225.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: «ويَدْخُلُ فِيهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا حِفْظُهُ مِنَ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُهُ الْأَمْرَ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَلَى الْأَمْرِ بِحِفْظِ الْفَرْجِ; لِأَنَّ النَّظَرَ بَرِيدُ الزِّنَا
…
» (1).
والعفيف الذي يراقب اللَّه تعالى ويخشاه يغض بصره عما حرّم اللَّه النظر إليه، امتثالاً لأمر اللَّه تعالى:
وَأَغُضُّ طَرْفِي مَا بَدَتْ لِي جَارَتِي
…
حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي مَأْوَاهَا (2)» (3)
قَالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (4)، وَهَذَا فِيهِ التَهْدِيدُ لِمَنْ لَمْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ (5).
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، لِلْحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صَدْرَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ، قَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (6)، قَالَ قَتَادَةُ: عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ} (7) خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ النَّظَرُ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ (8).
(1) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، 6/ 188.
(2)
البيت لعنترة بن شداد، وهو في ديوانه، ص 93.
(3)
انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 6/ 255، وأضواء البيان للشنقيطي، 6/ 189.
(4)
سورة غافر، الآية:19.
(5)
انظر: أضواء البيان للشنقيطي، 6/ 189.
(6)
سورة النور، الآية:30.
(7)
سورة النور، الآية:31.
(8)
البخاري، كتاب الاستئذان، باب قول اللَّه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً} ، قبل الحديث رقم 6238.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: «وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} فِيهِ الْوَعِيدُ لِمَنْ يَخُونُ بِعَيْنِهِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَهَذَا الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ مِنَ الزَّجْرِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ.
مِنْهَا: مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» ، فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ:«فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» ، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» (1).
وَمِنْهَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «أَرْدَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ، وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ، فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا» ، الْحَدِيثَ (2).
(1) البخاري، كتاب الاستئذان، باب قول اللَّه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً} ، برقم 6229، مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن الجلوس في الطرقات، وإعطاء الطريق حقه، برقم 2121.
(2)
البخاري، كتاب الاستئذان، باب قول اللَّه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً} ، برقم 6228.
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَرَفَ وَجْهَ الْفَضْلِ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَظَرَهُ إِلَيْهَا لَا يَجُوزُ، وَاسْتِدْلَالُ مَنْ يَرَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْكَشْفَ عَنْ وَجْهِهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ بِكَشْفِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَجْهَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْجَوَابُ عَنْهُ في الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحِجَابِ فِي سُورَةِ «الْأَحْزَابِ» .
وَمِنْهَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: مِنْ أَنَّ نَظَرَ الْعَيْنِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهَا تَكُونُ بِهِ زَانِيَةً، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَى الْعَيْنِ: النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ: الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ» (1).
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «فَزِنَى الْعَيْنِ النَّظَرُ» ، فَإِطْلَاقُ اسْمِ الزِّنَى عَلَى نَظَرِ الْعَيْنِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ، وَالْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّظَرَ سَبَبُ الزِّنَى، فَإِنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى جَمَالِ امْرَأَةٍ مَثَلًا، قَدْ يَتَمَكَّنُ بِسَبَبِهِ حُبُّهَا مِنْ قَلْبِهِ تَمَكُّنًا يَكُونُ سَبَبَ هَلَاكِهِ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، فَالنَّظَرُ بَرِيدُ الزِّنَى، وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْأَنْصَارِيُّ:
كَسَبَتْ لِقَلْبِي نَظْرَةً لِتَسُرَّهُ
…
عَيْنِي فَكَانَتْ شِقْوَةً وَوَبَالًا
(1) البخاري، كتاب الاستئذان، باب زنا الجوارح دون الفرج، برقم 6243، مسلم، كتاب القدر، باب قدر على بن آدم حظه من الزنا وغيره، برقم 2657.
مَا مَرَّ بِي شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْهَوَى
…
سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْهَوَى وَتَعَالَى (1)
وَقَالَ آخَرُ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْقَلْبِ رَائِدٌ
…
فَمَا تَأْلَفُ الْعَيْنَانِ فَالْقَلْبُ آلِفُ (2)
وَقَالَ آخَرُ:
وَأَنْتَ إِذَا أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا
…
لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمُنَاظِرُ
رأيت الذي لا كلّه أنت قادر
…
عليه ولا عن بعضه أنت صابر (3)
وقال أبو الطيب المتنبي:
وَأَنَا الَّذِي اجْتَلَبَ الْمَنِيَّةَ طَرْفُهُ
…
فَمَنِ الْمُطَالِبُ وَالْقَتِيلُ الْقَاتِلُ (4)
وذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه ذم الهوى فصولاً جيدة نافعة أوضح فيها الآفات التي يسببها النظر، وحذر فيها منه، وذكر كثيراً من أشعر الشعراء، والحكم النثرية في ذلك، وكله معلوم، والعلم عند اللَّه تعالى> (5).
(1) ديوان مسلم بن الوليد، ص 201.
(2)
نسبه في خزانة الأدب، 5/ 22: للشاعر مضرس بن قرطة أحد بني صبح.
(3)
ذكره في محاضرات الأدباء، 2/ 123 وعزاه إلى جارية.
(4)
ديوان المتنبي، ص 177.
(5)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، 6/ 189 - 192 بتصرف.