الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالصحابة رضي الله عنهم إنما جعلوا الحجاب أمارة على العتق والتزويج؛ لأن صفية كانت سبيًا مملوكة، نعم لو كانت من الحرائر المؤمنات من قبل، ثم جعلوا الحجاب أمارة على كونها من أمهات المؤمنين لكان في ذلك دليل على اختصاص الحجاب بهن، وأما إذ ليس فليس، ثم ليعلم أن التزوج والعتق ليسا من خصائصهن، فالحجاب الذي جعلوه أمارة على العتق والتزوج كيف يكون مختصا بهن؟ ثم إن القصة لا تدل على أكثر من أن أمهات المؤمنين كن محتجبات، ولا يلزم من كونهن محتجبات اختصاصهن بالحجاب» (1).
الدليل السابع عشر: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا» (2).
وفي لفظ مسلم: عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» (3).
قال الشيخ حمود التويجري- رحمه الله: «وفي نهيه صلى الله عليه وسلم المرأة أن تباشر المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها دليل على مشروعية احتجاب النساء عن الرجال الأجانب، وأنه لم يبق للرجال سبيل إلى معرفة
(1) مجلة الجامعة السلفية، قاله أبو هشام الأنصاري.
(2)
البخاري، كتاب النكاح، باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها، برقم 524. .
(3)
مسلم، كتاب الحيض، باب تحريم النظر إلى العورات، برقم 338.
الأجنبيات من النساء إلا من طريق الصفة أو الاغتفال، ونحوِ ذلك؛ ولهذا قال:«كأنه ينظُرُ إليها» ، فدلَّ على أن نظر الرجال إلى الأجنبيات ممتنع في الغالب من أجل احتجابهن عنهم، ولو كان السفور جائزًا لما كان الرجال يحتاجون أن تُنْعَتَ لهم الأجنبيات من النساء، بل كانوا يستغنون بنظرهم إليهن، كما هو معروف في البلدان التي قد فشا فيها التبرج والسفور» (1).
قال الإمام النووي- رحمه الله: «باب تحريم النظر إلى العورات» ، ثم ساق الحديث، ثم قال: «وأما أحكام الباب ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة وهذا
…
حرام بالإجماع، ونبّه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة، وذلك بالتحريم أولى، وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة، أما الزوجان فلكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعها
…
وقال القسطلاني رحمه الله: «في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة المرأة
(1) الصارم المشهور، ص 203، وطبعة أخرى، ص 95.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 30.