الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي رحمه الله: «من المعروف والمتقرر أن أحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا تتعارض، ولا تتضارب، ولا يرد بعضها بعضاً؛ لأنها من عند اللَّه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أَلا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ ومِثلَهُ مَعَهُ» (1)، ولكن إذا حصل تعارض بين أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فحينئذ لابد من سلوك طريق الجمع، فنقول: إذا ثبت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى المرأة سفعاء الخدين وأقرها، وأنها لم تكن من القواعد (2)، فالجمع هو أن حديث جابر كان قبل الأمر بالحجاب، فيكون منسوخًا بالأدلة التي ذكرناها، وهي أكثر من أربعين دليلًا، ومن ترك الدليل، ضل السبيل، وليس على قوله تعويل» (3).
الشبهة الخامسة: ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما
- قيل له: أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نَعَمْ وَلَوْلَا مَكَانِي مِنْ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ، حَتَّى أَتَى الْعَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، [فقال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} ، فتلا هذه الآية حتى فرغ منها، ثم قال حين
(1) مسند الإمام أحمد، 28/ 410، برقم 17174، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم 163، ورقم 4274، وانظر: صفة الصلاة له، ص 171.
(2)
وأنها لم تكن أمَة، وقد جاء في المسند:«أنها كانت من سفلة النساء» ، وأخرجه مسلم، برقم 4 - (885)، وأبو داود، والدارمي، وتقدم تخريجه.
(3)
يا فتاة الإسلام، ص 262 - 263.
فرغ منها]: «أأنتن على ذلك؟» ، فقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها منهن: نعم يا نبي اللَّه، ثم قال:«هلمّ لكنَّ فداكن أبي وأمي» ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ بِأَيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ، وفي رواية:[فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال]، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَبِلَالٌ إِلَى بَيْتِهِ» (1).
قال ابن حزم: «فهذا ابن عباس بحضرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن فصحَّ أن اليَدَ من المرأة والوجه ليسا بعورة، وما عداهما ففرض ستره» (2).
والجواب: أنه ليس في الحديث ذكر الوجه بحال، فأين فيه ما يدل على أن وجه المرأة ليس بعورة؟
وفي الحديث ذكر الأيدي ولكن ليس فيه تمرير بأنها كانت مكشوفة حتى يتم الاستدلال به على أن يد المرأة ليست بعورة.
غاية ما فيه أن ابن عباس رضي الله عنهما رآهنّ يهوين بأيديهن (3)، ولم
يذكر حسرهنّ عن أيديهنّ، وإذا كان الحديث محتملًا لكل من الأمرين لم يصحَّ الاستدلال به على أن يد المرأة ليست بعورة، فإن الدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال، واللَّه تعالى أعلم.
(1) رواه البخاري برقم 979، ومسلم، برقم 884، وسبق تخريجه، والزيادات في هذه الرواية من مسند الإمام أحمد، 5/ 189، برقم 3063، ومصنف عبد الرزاق، 3/ 279، برقم 5632، وانظر: سنن أبي داود، برقم 1141، وسنن النسائي، برقم 1588.
(2)
المحلى، 3/ 217.
(3)
ولعل صغر سنه المنوه في صدر الحديث يقضي بأن يغتفر له حضور موعظة النساء.