الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الْأَدِلَّةِ، أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ، لَمْ يَسْمَعُوا اسْتِئْذَانَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّالِثَةِ، بَلْ يَنْصَرِفُ بَعْدَهَا لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَعَدَمِ تَقْيِيدِ شَيْءٍ مِنْهَا بِكَوْنِهِمْ لَمْ يَسْمَعُوهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَهُ الزِّيَادَةَ، وَمَنْ فَصَّلَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (1): أَمَّا إِذَا اسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَشْهَرُهَا أَنَّهُ يَنْصَرِفُ، وَلَا يُعِيدُ الِاسْتِئْذَانَ. وَالثَّانِي: يَزِيدُ فِيهِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ بِلَفْظِ الِاسْتِئْذَانِ الْمُتَقَدِّمِ لَمْ يُعِدْهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ أَعَادَهُ، فَمَنْ قَالَ بِالْأَظْهَرِ فَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى مَنْ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ سَمِعَهُ، فَلَمْ يَأْذَنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ; لِأَنَّهُ ظَاهِرُ النُّصُوصِ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ» (2).
سادساً: الْمُسْتَأْذِنُ يَنْبَغِي لَهُ أَلَاّ يَقِفَ تِلْقَاءَ الْبَابِ بِوَجْهِهِ
، وَلَكِنَّهُ يَقِفُ جَاعِلًا الْبَابَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، وَيَسْتَأْذِنُ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله: «ثُمَّ لِيُعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْتَأْذِنِ عَلَى أَهْلِ الْمَنْزِلِ أَلَّا يَقِفَ تِلْقَاءَ الْبَابِ بِوَجْهِهِ، وَلَكِنْ لِيَكُنِ الْبَابُ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (3): حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ فِي آخَرِينَ،
(1) شرح صحيح مسلم، 14/ 131.
(2)
أضواء البيان، 6/ 176.
(3)
سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، 4/ 512، برقم 5186، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 4318.
قَالُوا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» ، وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ، انْفَرَدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ (1).
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، ح، وَثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا حَفْصٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ عَنْ هُزَيْلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ قَالَ عُثْمَانُ: سَعْدُ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، قَالَ عُثْمَانُ: مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَكَذَا عَنْكَ أَوْ هَكَذَا، فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ» ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (2)، مِنْ حَدِيثِهِ انْتَهَى».
وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْذِنَ لَا يَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ خَوْفًا أَنْ يُفْتَحَ لَهُ الْبَابُ، فَيَرَى مِنْ أَهْلِ الْمَنْزِلِ مَا لَا يُحِبُّونَ أَنْ يَرَاهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَابُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، فَإِنَّهُ
(1) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب كم في الاستئذان، 4/ 509، برقم 5174. وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 4318.
(2)
سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب كم في الاستئذان، 4/ 509، برقم 5175، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 7016، وفي التعليق الرغيب، 3/ 273.