الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من التلفع، وهو شد اللفاع، وهو ما يغطي الوجه، ويتلحف به» (1).
الشبهة الثالثة عشرة: قول بعضهم: «إن الدين يسر» وإباحة
السفور مصلحة تقتضيها مشقة التزام الحجاب في عصرنا.
والجواب أن تقرير التيسير ورفع الحرج في الدين عن المسلمين ثبت بأدلة القرآن والسنة:
قال اللَّه تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2).
وقال عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (4).
وقال جل وعلا: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (5).
وقال تبارك وتعالى في وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ (6) حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
(1) المرجع السابق، 6/ 74.
(2)
سورة الحج، الآية:78.
(3)
سورة النساء، الآيتان: 27 - 28.
(4)
سورة البقرة، الآية:185.
(5)
سورة البقرة، الآية:286.
(6)
أي يشق عليه، ويعنته، ويحرجه كل أمر يشق على أمته، ويعنتها، أو يحرجها، وهو حريص على أمته، حريص على جلب المصالح لها، ودفع المفاسد والمساوئ عنها، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم.
رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1)، وقال في صفته في التوراة والإنجيل:{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (2).
فهذه الآيات صريحة في التزام مبدأ التخفيف والتيسير على الناس في أحكام الشرع، قال الشاطبي رحمه الله:«إن الأدلة على رفع الحرج في هذه الأمة بلغت مبلغ القطع» (3).
أما السنة القولية:
فمنها: قوله صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» (4).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ» (5).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: «ادْعُوَا النَّاسَ، وَبَشِّرَا، وَلَا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا، وَلَا تُعَسِّرَا [وتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا]» (6).
(1) سورة التوبة، الآية:128.
(2)
سورة الأعراف، الآية:157.
(3)
الموافقات، 1/ 340.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده، 36/ 624، برقم 22291، من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما، ومن حديث أبي أمامة رضي الله عنه، والطبراني في الكبير، 8/ 222، برقم 7883، وابن عساكر، 54/ 413، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6/ 1022.
(5)
رواه البخاري، في الإيمان: باب الدين يسر، برقم 39.
(6)
رواه البخاري، في الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه، برقم 3038، ومسلم، في الجهاد، باب الأمر بالتيسير وترك التنفير، وفي الأشربة، برقم 1733، وما بين المعقوفين من رواية البخاري.
وقال للصحابة في حادثة الأعرابي الذي بال في المسجد: «فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرْينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «بشروا، ولا تنفروا، ويسروا، ولا تعسروا» (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ» (3).
وأما سنته الفعلية صلى الله عليه وسلم: فـ «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينَ أَمْرَيْنِ إلَاّ أَخَذَ أيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إثْماً، فَإِنْ كَانَ إثْماً، كَانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ» (4) الحديث.
أضف إلى ذلك ما ثبت من مشروعية الرخص، وهو أمر مقطوع به، ثم إجماع علماء الأمة على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.
والحاصل: أن الشارع لا يقصد أبدًا إعنات المكلفين أو تكليفهم ما لا تطيقه أنفسهم، فكل ما ثبت أنه تكليف من اللَّه للعباد فهو داخل في مقدورهم وطاقتهم (5).
(1) البخاري، في الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، برقم 220.
(2)
مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير، برقم 1732.
(3)
رواه الإمام أحمد، 25/ 384، برقم 15936، والبخاري في الأدب المفرد، ص 134، والطبراني في الكبير عن محجن ابن الأدرع، 20/ 296، والطبراني في الكبير أيضاً عن عمران بن حصين، 18/ 230، والضياء عن أنس، 7/ 132، قال الزين العراقي:«سنده جيد» ، ورمز له السيوطي بالصحة. انظر: فيض القدير، 3/ 486، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 55.
(4)
رواه البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3560، ومسلم، في الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، برقم 2327.
(5)
انظر: عودة الحجاب للمقدم، 3/ 335 - 393.